لابدّ وأن يكون لأغراض حتّى تقوم بها المعيشة الاجتماعيّة ، وهو سبحانه أعزّ وأعلى منه ، وأمّا المالكيّة التكوينيّة بمعنى أنّ الموجودات والكائنات قائمة بإرادته ، مخلوقة بمشيّته ، واقعة تحت قبضته تكويناً فلا يمكن للعبد أن يتصرّف في شيء إلاّبإذنه التكويني وإرادته فهى غير مربوطة بالمقام (١).
أقول : أنّ المالكيّة التكوينيّة ليست في عرض المالكيّة القانونيّة بل إنّها أمر فوقها وحينئذٍ تتصوّر المالكيّة الاعتباريّة بالنسبة إلى الباري تعالى بطريق أولى ، أي المالكية التكوينية تتضمّن المالكيّة القانونيّة وتكون منشأً لها كما يشهد به استدلال القائلين بالمالكيّة الشخصيّة للإنسان في محصول عمله في مقابل منكريها بأنّ الإنسان مالك تكويناً لنفسه وأعضائه وقواه ، فيكون مالكاً لعلمه ، وبالنتيجة يكون مالكاً لأمواله ، حيث إنّه تجسّد للعمل وتبلور له.
أضف إلى ذلك أنّه يمكن الاستدلال لمالكيّته التشريعيّة مع قطع النظر عن مالكيته التكوينيّة بآية الخمس إذ إنّ مالكيته بالنسبة إلى الخمس في قوله تعالى ( للهِ خُمُسَهُ ) تشريعية بلا ريب لأنّها جعلت في عرض مالكية الأصناف الخمسة الاخرى ، فمقتضى وحدة السياق أن تكون مالكيته تعالى من سنخ مالكية سائر الأصناف.
مضافاً إلى أنّه لو كان المراد المالكيّة التكوينيّة فلا معنى لأن يكون خصوص سهم من الخمس ملكاً تكوينياً له حيث إنّ العالم كلّه ملك له تعالى وكذا الكلام بالنسبة إلى الإنفال وشبهها.
وإن شئت قلت : إذا كان التصرّف في الملك الاعتباري غير جائز عقلاً فعدم جواز التصرّف في الملك التكويني بطريق أولى.
ثمّ إنّه قد يستدلّ على القول بالإباحة في مقابل الحظر بقاعدة قبح العقاب بلا بيان لكن الحقّ أنّه في غير محلّه لأنّ هذه القاعدة تتصوّر بعد أن قام الشارع للبيان ولم يبيّن ، بينما المفروض في المقام إنّما هو ما قبل البيان ، مضافاً إلى أنّه يمكن أن يكون حكم العقل بعدم جواز التصرّف في ملك الغير بنفسه بياناً.
وهنا كلام للمحقّق الأصفهاني رحمهالله لإثبات أنّ الأصل هو الإباحة لا الحظر ، حيث يقول :
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٢١٣ ، طبع جماعة المدرّسين.