اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ صَانَنَا عَنِ الصَّدَقَةِ ، وَهِيَ أَوْسَاخُ أَيْدِي النَّاسِ ، فَنَكْرَهُ (١) أَنْ نُشْرِكَ فِيمَا فَضَّلَنَا اللهُ بِهِ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ (٢) لَهُ مِثْلَ مَا جَعَلَ اللهُ (٣) لَنَا ».
فَقَامَ الْخَارِجِيُّ وَهُوَ يَقُولُ : تَاللهِ (٤) ، مَا رَأَيْتُ رَجُلاً مِثْلَهُ قَطُّ (٥) ، رَدَّنِي ـ وَاللهِ (٦) ـ أَقْبَحَ رَدٍّ ، وَمَا خَرَجَ مِنْ (٧) قَوْلِ صَاحِبِهِ. (٨)
٩٥١٥ / ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ ،
__________________
أمير المؤمنين عليهالسلام ما يوجب كفره وإن كان مذهب الخوارج هكذا ؛ إذ يجوز الشذوذ عن عامّتهم وعدم الاعتقاد بما اشتهر عنهم ، ألاترى أنّ كثيراً من المنتحلين إلى الشيعة الإماميّة من العوامّ لا يعرفون طلحة والزبير ، ولم يتفكّروا في أنّهما كانا كافرين أو مسلمين ، من شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام ، أو من أعدائه ، مع شهرتهما بين الإماميّة. وهذا الخبر يدلّ على عدم وجوب إجابة الخاطب لبعض المصالح الدنيويّة.
ثمّ إنّ كفر النواصب والخوارج ليس كفر ارتداد ، ولا يقبل منهم التوبة ، وإن كانت آباؤهم مسلمين ، وذلك لأنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان يدعوهم إلى الحقّ وأرسل إليهم ابن عبّاس لذلك. وكذلك كان يدعو أصحاب صفّين والجمل إلى التوبة والانقياد ، ولو كانوا مرتدّين لا يقبل توبتهم ، لم يكن فائدة في دعوتهم ، وأيضاً قال الله تعالى : ( فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) [ الحجرات (٤٩) : ٩ ] ومفاده أنّه إذا فاءت الباغية إلى أمر الله يقبل منه ».
(١) في التهذيب : « فكره ». وفي المرآة : « قوله عليهالسلام : فنكره ، يحتمل وجوهاً :
الأوّل : أن يكون موافقاً لما ذهب إليه السيّد رحمهالله من حرمة الصدقة على أولاد بنات بني هاشم ، أي لا نفعل ذلك فيحصل ولد فيحرم عليه الصدقة ، فيصير شريكنا ، مع أنّه من جهة الأب لم يجعل الله له ما جعل لنا.
الثاني : أن يكون المراد بما فضّلنا الله الولد ، أي لا نحبّ أن نشرك في أولاد بناتنا من ليست له تلك الفضيلة ، فيحرم أولادنا بسببه منها.
الثالث : أن يكون المراد بما فضّل الله الخمس ، وبمن لم يجعل الله له إمّا الزوج أو الولد ، أي ينفق الزوجة من الخمس على الولد والزوج ، ويرثان منها ذلك ، مع أنّه ليس حقّهما أصالة وإن جاز أن يصل إليهما بواسطة ، وعلى التقادير المراد بيان وجه مرجوحيّة لهذا الفعل ، ولا ينافي الإباحة التي اعترف بها من قول هشام ، والحاصل أنّ ذلك جائز ولكن يكره لتلك العلّة ، والمراد بصاحبه هشام بن الحكم ».
(٢) في التهذيب : ـ « الله ».
(٣) في « بخ ، بف » : ـ « الله ».
(٤) في « بخ ، جد » : « بالله ».
(٥) في « بح ، بخ ، بف » والوافي والتهذيب : « قطّ مثله ».
(٦) في التهذيب : « والله ردّني ».
(٧) في « بخ ، بف » والوافي والتهذيب : « عن ».
(٨) التهذيب ، ج ٧ ، ص ٣٩٥ ، ح ١٥٨٣ ، معلّقاً عن الكليني الوافي ، ج ٢١ ، ص ٩٥ ، ح ٢٠٨٦٦ ؛ الوسائل ، ج ٢٠ ، ص ٧٠ ، ح ٢٥٠٥٩ ، إلى قوله : « ولا تتكافأ فروجكم ».