على الباء وإن كانت زائدة في حكم الساقط ، للقرب والمجاورة ، فكان إعمال الثاني في ما نحن بصدده أولى للقرب والمجاورة والمعنى فيهما واحد.
وقال أبو البقاء في (التبيين) : المجاورة توجب كثيرا من أحكام الأول للثاني والثاني للأول ، ألا ترى إلى قولهم : الشّمس طلعت ، وأنه لا يجوز فيه حذف التاء لما جاور الضمير الفعل ، وكذلك : قامت هند ، لا يجوز فيه حذف التاء ، فلو فصلت بينهما جاز حذفها ، وما كان ذاك إلا لأجل المجاورة.
وقال في موضع آخر : قد أجرت العرب كثيرا من أحكام المجاور على المجاور له حتى في أشياء يخالف فيها الثاني الأول في المعنى ، كقولهم : جحر ضبّ خرب ، وكقولهم : إني لآتيه بالغدايا والعشايا. والغداة لا تجمع على غدايا ، ولكن جاز من أجل العشايا وهو كثير.
وقال في موضع آخر : ذهب الكوفيون إلى أن جواب الشرط جزم لمجاورته المجزوم وللمجاورة أثر ، ألا ترى أن (كلا) لما جاورت المنصوب والمجرور حملت على ما قبلها ولا سبب إلا الجوار ، وما حمل على ما قبله بسبب الجوار كثير جدا ثم قال : وكلّ موضع حمل فيه على الجوار فهو خلاف الأصل إجماعا للحاجة.