ومحمرّ ألا ترى أن أصله هنا مشتدد ومحمرر ، فلو نقلت هنا لوجب أن تقول مشتد ومحمر ، فلما لم تقل ذلك وصح في المختلفين اللذين الثقل فيهما موجود لفظا امتنعت من الحكم به فيما تحصل الصيغة فيه تقديرا ووهما.
وسبب ترك النقل في المفتوح انفراد الفتح عن الضم والكسر في هذا النحو لزوال الضرورة فيه ومعه ، ألا ترى إلى صحة الواو والياء جميعا بعد الفتحة ، وتعذر صحة الياء الساكنة بعد الكسرة ، وذلك أنك لو حذفت الضمة في يرميون ولم تنقلها إلى الميم لصار التقدير إلى يرمون ؛ ثم وجب قلب الواو ياء وأن تقول : هم يرمين ، فيصير إلى لفظ جماعة المؤنث.
وكذلك لو لم تنقل كسرة الواو في تغزوين إلى الزاي لصار التقدير إلى تغزين ، ثم يجب قلب الياء واوا لانضمام الزاي قبلها فتقول للمرأة : أنت تغزون فيلتبس بجماعة المذكر ؛ فهذا حكم المضموم مع المكسور ، وليس كذلك المفتوح ؛ ألا ترى الواو والياء صحيحتين بعد الفتحة نحو هؤلاء يخشون ويسعون ، وأنت ترضين وتخشين ، فلما لم تغير الفتحة هنا في المختلفين اللذين تغييرهما واجب لم تغير الفتحتان اللتان إنما هما في التغيير محمولتان على الضمة مع الكسرة.
فإن قيل : قد يقع اللبس أيضا حيث رمت الفرق لأنك تقول للرجال : أنتم تغزون ؛ وللنساء : أنتن تغزون ، وتقول للمرأة : أنت ترمين ، ولجمع النساء : أنتن ترمين.
قيل : إنما احتمل هذا النحو في هذه الأماكن ضرورة ، ولو لا ذلك لما احتمل.
وكذلك : أنت (ترمين) ، أصله ترميين فالحركتان أيضا متفقتان ، فإذا أسكنت المضموم الأول ونقلت إليه ضمة الثاني وأسكنت المكسور الأول ونقلت إليه كسرة الثاني بقي اللفظ بحاله كأن لم تنقله ولم تغير شيئا منه فوقع اللبس ، فاحتمل لما يصحب الكلام من أوله وآخره كأشياء كثيرة يقع اللبس في لفظها فيعتمد في بيانها على ما يقارنها كالتحقير والتكسير وغير ذلك ؛ فلما وجدت إلى رفع اللّبس بحيث وجدته طريقا سلكتها ، ولما لم تجد إليه طريقا في موضع آخر احتملته ودللت بما يقارنه عليه.
الضرب الثاني : مما هجمت فيه الحركة على الحركة من غير قياس كقوله ، وقال (١) : [الرجز]
اضرب السّاقين إمّك هابل
أصله (أمك) فكسر الهمزة لانكسار ما قبلها على حدّ من قرأ : (فَلِأُمِّهِ
__________________
(١) وقد مرّ الشاهد رقم (٣).