تكون دخلت عليهما وهما معربان فبنيا معها ؛ لأنه يؤدي إلى جعل ثلاثة أشياء كشيء واحد ولا نظير له.
ومنها : قال ابن فلاح : ذهب البصريون إلى أن (اللهمّ) أصله (يا ألله) حذفت يا وعوض منها الميم المشددة في آخره.
وقال (١) الكوفيون : ليست الميم بعوض بل أصله (يا ألله أمّ) أي أقصد ، فحذفت الهمزة من فعل الأمر واتصلت الميم المشددة باسم الله فامتزجا وصارا كلمة واحدة ، ولا يستنكر تركيب فعل الأمر مع غيره بدليل (هلمّ) ، فإنها مركبة عند البصريين من حرف التنبيه ولمّ ، وعندنا من (هل) و (أمّ) ، قالوا : فما صرنا إليه له نظير وما صرتم إليه دعوى بلا دليل.
وقال الأندلسي في (شرح المفصّل) : قال الكوفيون : ضمير الفصل إعرابه بإعراب ما قبله ، لأنه توكيد لما قبله ، وردّه البصريون بأن المكنّى لا يكون تأكيدا للمظهر في شيء من كلامهم ، والمصير إلى ما لا نظير له في كلامهم غير جائز.
وقال ابن جنّي في الخصائص (٢) : إذا دلّ الدليل لا يجب إيجاد النظير وذلك على مذهب الكتاب ، فإنه حكي مما جاء على فعل (إبلا) وحدها ، ولم يمنع الحكم بها عنده إن لم يكن لها نظير ، لأن إيجاد النظير بعد قيام الدليل إنما هو للأنس به لا للحاجة إليه ، فأما إن لم يقم دليل فإنك محتاج إلى النظير ، ألا ترى إلى عزويت لما لم يقم الدليل على أن واوه وتاءه أصلان ، احتجت إلى التعليل بالنظير ، فمنعت أن يكون مفويلا لما لم تجد له نظيرا وحملته على (فعليت) لوجود النظير وهو عفريت ونفريت.
وكذلك قال أبو عثمان في الردّ على من ادعى أن السين وسوف يرفعان الأفعال المضارعة : لم نر عاملا في الفعل تدخل عليه اللام ، وقد قال الله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) [الضحى : ٥] فجعل عدم النظير ردا على من أنكر قوله ، فأما إن لم يقم الدليل ولم يوجد النظير ، فإنك تحكم مع عدم النظير ، وذلك قولك في الهمزة والنون من أندلس أنهما زائدتان ، وأن وزن الكلمة بهما (أنفعل) ؛ وإن كان هذا مثالا لا نظير له ، وذلك أن النون لا محالة زائدة لأنه ليس في ذوات الخمسة شيء على فعلل ، فتكون النون فيه أصلا لوقوعها موقع العين ، وإذا ثبت أن النون زائدة فقد
__________________
(١) انظر الإنصاف المسألة رقم (٤٧).
(٢) انظر الخصائص (١ / ١٩٧).