انتكاث وتراجع ، فجرت ذلك مجرى إدغام الملحق وتوكيد ما حذف ، على أنه قد جاء منه شيء قال : [الطويل]
١٤٥ ـ [رأت جبلا فوق الجبال إذا التقت] |
|
رؤوس كبيريهن ينتطحان |
وقال ابن الحاجب : إذا حمل على اللفظ جاز الحمل بعده على المعنى ، وإذا حمل على المعنى ضعف الحمل بعده على اللفظ لأن المعنى أقوى فلا يتعدى الرجوع إليه بعد اعتبار اللفظ ، ويضعف بعد اعتبار المعنى القوي الرجوع إلى الأضعف.
واعترض عليه صاحب (البسيط) : بأن الاستقراء دلّ على أن اعتبار اللفظ أكثر من اعتبار المعنى وكثرة موارده دليل على قوته ، فلا يستقيم أن يكون قليل الموارد أقوى من كثير الموارد.
قال : وأما ضعف العود إلى اللفظ بعد اعتبار المعنى فقد ورد به التنزيل ، كما ورد اعتبار المعنى بعد اعتبار اللفظ ، قال تعالى : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) [الطلاق : ١١] فحمل على اللفظ بعد الحمل على المعنى ، وما ورد به التنزيل ليس بضعيف ، فثبت أنه يجوز الحمل على كل واحد منهما بعد الآخر من غير ضعف.
وقال الإمام أبو الحسن الأبذي في (شرح الجزولية) : العرب تكره الانصراف عن الشيء ثم الرجوع إليه بعد ذلك في معانيهم ، فكذلك يكرهونه في ألفاظهم وأنشد : [الطويل]
١٤٦ ـ إذا انصرفت نفسي عن الشّيء لم تكد |
|
إليه بوجه آخر الدّهر ترجع |
ولذلك يكرهون الحمل على اللفظ بعد الحمل على المعنى في لفظ مفرد ومعنى مجموع كمن وأخواتها ، ولذلك يكرهون الرجوع إلى الإتباع بعد القطع في النعوت ، قال الشلوبين في (شرح الجزولية) : إذا قلت ما أظنّ أحدا يقول ذلك إلا زيدا ، فالنصب أجود ، على أنه بدل من أحد وأما الرفع على أنه بدل من الضمير فحمل على المعنى مع وجود الحمل على اللفظ كإتباع الأثر مع وجود العين.
__________________
١٤٥ ـ الشاهد بلا نسبة في خزانة الأدب (٤ / ٢٩٩) ، والخصائص (٢ / ٤٢١) ، ولسان العرب (رأس).
١٤٦ ـ الشاهد غير موجود في المراجع التي بين يديّ.