في (شرح الجمل) : (كم) إن كانت اسم استفهام كان بناؤها لتضمّنها معنى حرف الاستفهام ، وإن كانت خبرية كان بناؤها حملا على (ربّ) وذلك أنها ذاك للمباهاة والافتخار ، كما أن (ربّ) كذلك وهي أيضا للتكثير فهي نقيضة ربّ ؛ لأن (ربّ) للتقليل ، والنقيض يجري مجرى ما يناقضه كما أن النظير يجري مجرى ما يجانسه.
وقال ابن النحاس في (التعليقة) : إنما كسرت النون في المثنى لسكونها وسكون الألف قبلها والكسرة نقيض السكون ، فأرادوا أن يأتوا بالشيء الذي هو نقيضه ، لأن الشيء يحمل على نقيضه كما يحمل على نظيره ، وقال السهيلي في «الروض الأنف» (١) : يحملون الصفة على ضدّها ، قالوا : عدوّة بالهاء حملا على صديقة.
وقال الشيخ شمس الدين بن الصائغ في (تذكرته) : قيل لم بني (عوض) على الضم مع أنه غير مضاف إلى الجملة؟ قال : ويمكن أن يكون بني حملا على نقيضه وهو (قطّ) كما قيل في (كم). وقال ابن النحاس في (التعليقة) : لا يثنّى (بعض) ولا يجمع حملا على (كل) لأنه نقيض وحكم النقيض أن يجري على نقيضه.
وقال ابن فلاح في (المغني) : ألحقت العرب (عدمت وفقدت) بأفعال القلوب ، فقالوا : عدمتني ، حملا على وجدت ، فيكون من باب حمل الشيء على ضده.
وقال الجاربردي في (شرح الشافية) : بطنان فعلان لا فعلال لأنه نقيض ظهران لأن ظهرانا اسم لظاهر الريش وبطنانا لباطنه ، وظهران فعلان بالاتفاق فبطنان كذلك حملا للنقيض على النقيض.
وقال ابن هشام في (تذكرته) : هذا باب ما حملوا فيه الشيء على نقيضه وذلك في مسائل :
الأولى : (لا) النافية ، حملوها على (إنّ) في العمل في نحو : لا طالعا جبلا حسن.
الثانية : (رضي) عدّوها بعلى حملا على (سخط) ، قاله الكسائي.
الثالثة : (فضل) عدّوه بعن حملا على نقص ، ودليله قوله (٢) : [البسيط]
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب |
|
عني ولا أنت دياني فتخزوني |
__________________
(١) انظر الروض الأنف (١ / ٢٠٠).
(٢) مرّ الشاهد رقم (٥٨).