قالوا : ولأن لنا موضعا يجب فيه تقدير الظرف والمجرور بالفعل ، وهو ما إذا وقع الظرف أو المجرور صلة لأن الصلة لا تكون مفردا ، فإذا وجب هنا تقديره بالفعل فإن لم يكن في الخبر واجبا فلا أقل من رجحانه.
وذهب بعضهم إلى أن العامل المقدر هنا اسم لا فعل تقديره كائن أو مستقر أو موجود أو ثابت.
قالوا : لأن بنا حاجة إلى جعل الظرف أو المجرور خبرا ، والأصل في الخبر المفرد ، فيقدر العامل الذي وقع الظرف موقعه مفردا على ما هو الأصل في الخبر.
قالوا : ولأن لنا موضعا يتعين فيه تقدير الظرف والمجرور بالمفرد ، وهو ما إذا وقع الظرف أو المجرور بين أما وفائها نحو : أما عندك فزيد ، وأما في الدار فزيد ، فهنا يجب تقديره بالمفرد ، لأن : (أما وفاءها) لا يفصل بينهما بجملة ، وإذا وجب تقديره هنا بالمفرد فلا أقل من الرجحان فيما إذا وقع خبرا وهو رأي ابن عصفور ، ويترجح هذا بأن تقديره بالفعل لزم في حال كونه غير خبر ، وتقديره بالمفرد لزم في حال كونه خبرا فكان تقديره بالمفرد أولى.
وقال : واعلم أنه على كل تقدير سواء قلنا : العامل فيه فعل أو اسم ، أنا نعتقد أنا حذفنا ذلك العامل لما اعتزمنا أن نجعل الخبر في اللفظ نفس الظرف والمجرور لا الاستقرار ، ولذلك التزمنا حذف العامل بعد نقل الضمير الذي كان في العامل إلى الظرف أو المجرور واستتاره فيه ويبقى الضمير مرتفعا بالظرف أو بالجار والمجرور كما كان مرتفعا بذلك العامل لنيابة الظرف أو المجرور عن ذلك العامل ، ولا يجوز إظهار ذلك العامل حينئذ ، قال أبو علي : إظهار عامل الظرف شريعة منسوخة.
الخامس : في كيفية تقديره ، أما في القسم فتقديره أقسم ، وأما في الاشتغال فتقديره كالمنطوق به ، وأما في المثل فيقدر بحسب المعنى وأما في البواقي فيقدر كونا مطلقا وهو كائن أو مستقر أو مضارعهما إن أريد الحال أو الاستقبال.
قال ابن هشام (١) : ويقدر كان أو استقر أو وصفهما إن أريد المضي ، هذا هو الصواب وقد أغفلوه مع قولهم في نحو : ضربي زيدا قائما ، إنّ التقدير : إذ كان ، إن أريد المضيّ و (إذا كان) إن أريد المستقبل ولا فرق ، وإذا جهل المعنى قدر الوصف فإنه صالح في الأزمنة كلها ، وإن كانت حقيقته الحال ، ولا يجوز تقدير الكون الخاص كقائم وجالس إلا لدليل ويكون الحذف حينئذ جائزا لا واجبا.
__________________
(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٤٩٩).