وفيه : قال بعض أصحابنا : إنما لم تعمل أدوات التحضيض لأنها بجواز تقديم الاسم فيها على الفعل صارت كأنها غير مختصة بالفعل.
وفيه : أن (لو لا) و (لو ما) ، لم تعملا وإن كان لا يليهما إلا الاسم ، لأنهما ليستا مختصتين بالأسماء ، إذ لو كانتا مختصتين بالاسم لكانتا عاملتين فيه ، وكان يكون عملهما الجر إعطاء للمختص بالاسم المختصّ في الإعراب وهو الجر على ما تقرر في العوامل ، أو يكونان كإن وأخواتها من الحروف المختصة بالأسماء ، وإنما هما حرفان يدخلان على الجمل ، لكن تلك تكون اسمية ، وقد لاحظ معنى الاختصاص من ذهب إلى أن تاليهما مرفوع بهما ، وهو مذهب الفراء وابن كيسان ، وعزاه أبو البركات ابن الأنباري إلى الكوفيين وقال (١) : إنه الصحيح ، وعزاه صاحب (الإيضاح) إلى جماعة من البغداديين.
وقال أبو الحسن الأبذي : الصواب مذهب البصريين أنه مرفوع بالابتداء لأن كل حرف اختص باسم مفرد فإنه يعمل فيه الجرّ إن استحقّ العمل فلو كانت لو لا عاملة لجرت.
قال أيضا : والصواب أن الحروف لا تعمل بما فيها من معنى الفعل ، إذ لو كانت كذلك لعملت الهمزة التي للاستفهام لأنها بمعنى أستفهم ، وما النافية لأنها بمعنى أنفي ولا بالنيابة مناب الفعل ، نعم تزاد كالعوض ولا ينسب إليها العمل.
قال (٢) ابن يعيش : لم تعمل حروف العطف جرا ولا غيره لأنها لا اختصاص لها بالأسماء ، والحروف التي تباشر الأسماء والأفعال لا يجوز أن تكون عاملة إذ العامل لا يكون إلا مختصا بما يعمل فيه.
قال (٣) : وكذلك (إلا) في الاستثناء لا تعمل لأنها تباشر الأسماء والأفعال والحروف ، تقول : ما جاءني زيد قط إلا يقرأ ، ولا رأيت بكرا إلا في المسجد ، والعامل لا يكون إلا مختصا.
قال (٤) : واعلم أن (لا) من الحروف الداخلة على الأسماء والأفعال فحكمها أن لا تعمل في واحد منهما ، غير أنها أعملت في النكرات خاصة لعلّة عارضة وهي
__________________
(١) انظر الإنصاف المسألة (٩٧).
(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٤٨).
(٣) انظر شرح المفصّل (٢ / ٧٦).
(٤) انظر شرح المفصّل (٢ / ١٠٠).