والثاني : أن الاسم أكثر من الفعل ، بدليل أن تركيب الاسم يكون مع الفعل ومن غير فعل ، والكثرة مظنة الخفة كما في المعرفة والنكرة.
قال : وإذا تقرر ثقله فهو مع ذلك فرع على الاسم من وجهين :
أحدهما : أن الفعل مشتقّ من المصدر على مذهب أهل البصرة. والمشتق فرع على المشتق منه لأنه يقف وجود الفرع على وجود الأصل.
والثاني : أن الفعل يفتقر إلى الاسم في إفادة التركيب والاسم يستقل بالتركيب من غير توقف.
وقال (١) ابن يعيش : الأفعال أثقل من الأسماء لوجهين :
أحدهما : أن الاسم أكثر من الفعل ، من حيث أن كل فعل لا بدّ له من فاعل اسم يكون معه ، وقد يستغني الاسم عن الفعل ، وإذا ثبت أنه أكثر في الكلام كان أكثر استعمالا وإذا كثر استعماله خف على الألسنة لكثرة تداوله ، ألا ترى أن العجمي إذا تعاطى كلام العرب ثقل على لسانه لقلّة استعماله ، وكذلك العربي إذ تعاطى كلام العجم كان ثقيلا عليه لقلة استعماله له.
والثاني : أن الفعل يقتضي فاعلا ومفعولا فصار كالمركّب منهما إذ لا يستغني عنهما والاسم لا يقتضي شيئا من ذلك فهو مفرد والمفرد أخفّ من المركب.
وقال ابن النحاس في (التعليقة) : الاسم أخفّ من الفعل لوجوه :
منها : أنّ الأسماء أكثر استعمالا من الأفعال ، والشيء إذا كثر استعماله على ألسنتهم خفّ ، وإنّما قلنا : إنّه أكثر استعمالا لأمور :
منها : الأوزان ، وعدد الحروف ، أما في الأصول فلأن أصول الأسماء ثلاثية ورباعية وخماسية ، وليس في الأفعال خماسية ، وأما بالزيادة فالاسم يبلغ بالزيادة سبعة وأكثر من ذلك على ما ذكر ، والفعل لا يزاد على الستة ، فقد زاد عليه في الأصول والزيادة.
وأما الأبنية ، فأبنية الأصول في الأسماء المجمع عليها تسعة عشر ، وأصول الأفعال أربعة.
وأما الأبنية بالزيادة فالأسماء تزيد على ثلاثمائة ، والفعل لا يبلغ الثلاثين.
ومنها : أن الاسم يفيد مع جنسه ، والفعل لا يفيد إلا بانضمام الاسم.
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٧).