فإن قلت : فإن الضمة في نحو قيل وبيع ، لم تصح لأنها إشمام ضم للمكسرة ، والكسرة في يا غلام اوجل كسرة صريحة فهذا فرق.
قيل : الضمة في حاء (يا صالح) ضمة بناء فأشبهت ضمة (قيل) من حيث كانت بناء وليس لقولك : (يا غلام أوجل) شبيه فيحمل عليه ، لا كسره صريحة ولا كسرة مشوبة ، فأما تفاوق ما بين الحركتين في كون إحداهما ضمة صريحة ، والأخرى ضمة غير صريحة ، فأمر تفتقر العرب ما هو أعلى وأظهر منه ، وذلك أنهم قد اغتفروا اختلاف الحرفين مع اختلاف الحركتين في نحو جمعهم في القافية بين سالم وعالم مع قادم وظالم ، فإذا تسامحوا بخلاف الحرفين مع الحركتين ، كان تسامحهم بخلاف الحركتين وحدهما في (يا صالح ايتنا) ، وقيل وبيع ، أجدر بالجواز.
فإن قلت : فقد صحت الواو الساكنة بعد الكسرة نحو : اجلوّاذ واخرواط.
قيل : الساكنة هنا لما أدغمت في المتحركة فنبا اللسان عنهما جميعا نبوة واحدة ، جرتا لذلك مجرى الواو المتحركة بعد الكسرة نحو طول وحول ، وعلى أن بعضهم قد قالوا : اجلوّاذا فأعلّ مراعاة لأصل ما كان عليه الحرف ، ولم يبدل الواو بعدها لمكان الياء ، إذ كانت هذه الياء غير لازمة فجرى ذلك في الصحة مجرى ديوان فيها. ومن قال : ثيره وطيال ، فقياس قوله هنا أن يقول : اجلياذا ، فيقلبهما جميعا إذ كانا قد جريا مجرى الواو الواحدة المتحركة.
فإن قيل : فالحركات قبل الألفين في سالم وقادم ، كلتاهما وإنما شيت إحداهما بشيء من الكسرة ، وليست كذلك الحركتان في حاء يا صالح وقاف قيل ، من حيث كانت الحركة في حاء يا صالح ضمة البتة ، وحركة قاف (قيل) كسرة مشوبة بالضم ، فقد ترى الأصلين هنا مختلفين وهما هناك أعني في سالم وقادم متفقان.
قيل : كيف تصرفت الحال فالضمة في قيل مشوبة غير مخلصة ، كما أن الفتحة في سالم مشوبة غير مخلصة ، نعم ولو تطعمت الحركة في قاف (قيل) لوجدت حصة الضم فيها أكثر من حصة الكسر ، وأدون أحوالها أن تكون في الذوق مثلها ، ثم من بعد ذلك ما قدمناه من اختلاف الألفين في سالم وقادم لاختلاف الحركتين قبلهما الناشئة هما عنهما ، وليست الياء في (قيل) كذلك بل هي ياء مخلّصة ، وإن كانت الحركة قبلها مشوبة غير مخلصة ، وسبب ذلك أن الياء الساكنة سائغ غير مستحيل فيها أن تصح بعد الضمة المخلصة فضلا عن الكسرة المشوبة بالضم ، ألا يتعذر عليك صحة الياء ، وأن أخلصت قبلها الضمة في نحو (ميسر) في اسم الفاعل من أيسر لو تجشمت إخراجه على الصحة ، وكذلك لو تجشمت تصحيح واو موزان