٩ ـ وإن رأيت الحجج الرّواددا |
|
قواصرا بالعمر أو مواددا |
ونحو ذلك مما ظهر تضعيفه ، فهذه عندنا على إجراء اللازم مجرى غير اللازم ، من المنفصل نحو : جعل لك ، وضرب بكر ، كما شبّه غير اللازم من ذلك باللازم فأدغم نحو : ضربكر ، وجعلكّ ، فهذا مشبّه في اللفظ : بشدّ ومدّ واستعدّ ونحوه مما لزم فلم يفارق. ومن ذلك ما حكوه من قول بعضهم : عوى الكلب عوية ، وهذا عندي ـ وإن كان لازما ـ فإنه أجري مجرى بنائك من باب طويت فعلة ، وهو قولك : طوية ، كقولك : امرأة جوية ولوية ، من الجوى واللّوى ، فإن خففّت حركة العين فأسكنتها قلت طوية وجوية ولوية فصححت العين ولم تعلّها بالقلب والإدغام ؛ لأن الحركة فيها منويّة. وعلى ذلك قالوا في فعلان من قويت قويان ، فإن أسكنوا صححوا العين أيضا ، ولم يردّوا اللّام أيضا ، وإن زالت الكسرة من قبلها لأنها مرادة في العين فلذلك قالوا : عوى الكلب عوية ، تشبيها بباب : امرأة جوية ولوية وقويان.
فإن قلت : فهلّا قالوا أيضا على قياس هذا : طويت الثوب طوية وشويت اللحم شوية؟
فالجواب : أنه لو فعل ذلك لكان قياسه قياس ما ذكرنا وأنه ليست لـ (عوى) فيه مزية على طوى وشوى ، كما لم يكن لجاشم وقاثم مزية يجب لها العدل بهما إلى جشم وقثم على مالك وحاتم ، إذ لم يقولوا ملك ولا حتم ، وعلى أن ترك الاستكثار مما فيه إعلال أو استثقال هو القياس. ومن ذلك قراءة ابن مسعود (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً) [طه : ٤٤] وذلك أنه أجرى حركة اللام هنا وإن كانت لازمة مجراها إذا كانت غير لازمة في نحو قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَ) [آل عمران : ٢٦] ، و (قُمِ اللَّيْلَ) [المزمل : ٢] وقول الشاعر : [الطويل]
١٠ ـ زيارتنا نعمان لا تنسينّها |
|
تق الله فينا والكتاب الذي نتلو |
ويروي خف الله ، ويروى لا تنسينها اتّق الله ، ونحوه ما أنشده أبو زيد من قول الشاعر : [الطويل]
١١ ـ وأطلس يهديه إلى الزّاد أنفه |
|
أطاف بنا واللّيل داجي العساكر |
__________________
٩ ـ الشاهد بلا نسبة في النوادر (١٦٤) ، والخصائص (١ / ١٦١).
١٠ ـ الشاهد لعبد الله بن همام السلولي في شرح شواهد الشافية (٤٩٦) ، والفاضل (٧٩) ، واللسان (وقي) ، والخصائص (٢ / ٣٨٦) ، والنوادر (٤ / ٢٧) ، والأمالي الشجرية (١ / ٢٠٥).
١١ ـ البيتان في الخصائص (٣ / ٨٩).