متمكنة فليست الحركة في آخره ببناء ، ألا ترى أن غلامي في التمكن واستحقاق الإعراب كغلامك وغلامهم وغلامنا.
فإن قلت : فما هذه الكسرة في نحو غلامي؟
قلت : هي من جنس الكسرة في الرفع والنصب ، أكره الحرف عليها فلزمت في الحالات ، وليست إعرابا إلا أن لفظها كلفظ حركة الإعراب ، كما أن كسرة الصاد من صنو غير كسرة الصاد في صنوان حكما وإن كانت إياها لفظا.
وقال أبو البقاء في (اللباب) : ليس في الكلام كلمة لا معربة ولا مبنية عند المحققين ، لأن حد المعرب ضد حد المبني ، وليس بين الضدين هنا واسطة ، وذهب قوم إلى أن المضاف إلى ياء المتكلم غير مبني إذ لا علة فيه توجب البناء ، وغير معرب إذ لا يمكن ظهور الإعراب فيه مع صحة حرف إعرابه ، وسموه خصيا ، والذي ذهبوا إليه فاسد لأنه معرب عند قوم ومبني عند آخرين ، على أن تسميتهم إياه خصيا خطأ لأن الخصي ذكر حقيقة وأحكام الذكور ثابتة له ، وكان الأشبه بما ذهبوا إليه أن يسموه خنثى مشكلا.
وقال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في (التعليقة) : اختلف في المضاف إلى ياء المتكلم فقيل : مبني وكسرته كسرة بناء لأنه لا يحدثها عامل الجر ، وعلة بنائه شبهه بالحروف لخروجه عن كل مضاف ، لأن كل مضاف لا يتغير آخره لأجل المضاف إليه وخروج الشيء عن نظائره يلحقه بالحروف إذ لا نظير لها من الأسماء ، وقيل : معرب لعدم علة البناء ، ولأن الإضافة إلى المبني لا توجب بناء المضاف ولا تجوزه إلا في الظروف وفيما أجري مجراه كمثل وغير ، فوجب أن يكون معربا. وقيل : لا معرب ولا مبني لأن الإعراب غير موجود والبناء لا علة له ، فوجب أن يحكم بعدمهما ، أو يكون للاسم منزلة بين منزلتين ، ونحو ذلك : الرجل ، ونحوه مما فيه ألف ولام فإنه لا منصرف لأن الصرف التنوين ولا تنوين ، ولا غير منصرف لأنه لا يشبه الفعل ، والجواب : أن هذا لا نظير له وما ذكره في المنصرف وغيره فصحيح لأن الصرف التنوين ، وغير المنصرف أشبه الفعل ، فليسا متقابلين بخلاف الإعراب والبناء ، لأن الاسم إما معرب وهو المتمكن ، وإما غير متمكن وهو المبني ، فهما قسيما الإثبات والنفي ولا واسطة بينهما. انتهى.
الرابع : قال ابن الدهان في (الغرة) : الكلام على ضربين : معرب ومبني ، وعند الرماني وغيره : قسم ثالث لا معرب ولا مبني وهو (سحر) المعدول ، لأنه لا يزول عن هذه الحال وما فيه شيء يوجب البناء ، وادعى قوم ذلك في غلامي ، وهذا خطأ عند الأكثرين لأنه يؤدي هذا القول إلى أن عصا كذلك.