١٦ ـ حدبد بى حدبد بى منكم لان |
|
إن بني فزارة بن ذبيان |
قد طرقت ناقتهم بإنسان |
|
مشيئا سبحان ربي الرحمن |
أسكن ضم ميم (منكم) لما تحركت لام (لان) وقد كانت مضمومة عند التحقيق في قوله : (منكم الان) ، فاعتد حركة اللام بالتخفيف وإن لم تكن لازمة.
وينبغي أن تكون قراءة أبي عمرو (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى)(٢) [النجم : ٥٠] على هذه اللغة وهي قولك مبتدئا (لوّلى) ، لأن الحركة على هذا في اللام أثبت منها على قول من قال الحمروان ، كان حملها على هذا أيضا جائزا ؛ لأن الإدغام وإن كان بابه أن يكون في المتحرّك فقد أدغم أيضا في الساكن ، فحرك في شدّ ومدّ وفرّ يا رجل وعضّ ونحو ذلك ، ومثله ما أنشده أبو زيد : [الوافر]
١٧ ـ ألا يا هند هند بني عمير |
|
أرثّ لان وصلك أم جديد؟؟ |
أدغم تنوين رث في لام (لان).
ومما يجري على سمته قول الله عز وجل : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي)(٤) [الكهف : ٣٨] ، وأصله لكن أنا ، فخفّف الهمزة بحذفها وإلقاء حركتها على نون (لكن) فصارت لكننا ، فأجري غير اللازم مجرى اللازم فاستثقل التقاء المثلين المتحركين فأسكن الأول وأدغم في الثاني فصار (لكنا) كما ترى ، وقياس قراءة من قرأ (قالُوا الْآنَ) [البقرة : ٧١] ، فحذف الواو ولم يحفل بحركة اللام أن يظهر النونين ، لأن حركة الثانية غير لازمة فتقول : لكننا بالإظهار ، كما تقول في تخفيف جوأبة وجيأل ، جوبة ، وجيل (٥) ، فيصحّ حرفا اللّين هنا ، ولا يقلبان لما كانت حركتهما غير لازمة.
ومن ذلك قولهم في تخفيف رؤيا ونؤى : رويا ونوى فيصحّ الواو هنا وإن سكنت قبل الياء أن التقدير فيها الهمزة كما صحّت في ضو ونو تخفيف ضوء ونوء ، لتقديرك الهمز وإرادتك إياه ، وكذلك أيضا صحّ نحو : شي وفي ، تخفيف شيء وفيء كذلك.
وسألت أبا عليّ فقلت : من أجرى غير اللازم مجرى اللازم ، فقال : (لكنّا)
__________________
١٦ ـ الشعر لسالم بن دارة في الخزانة (٢ / ١٤٧).
(١) انظر البحر المحيط (٨ / ١٦٦).
١٧ ـ الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (أين) ، والخصائص (٣ / ٩١) ، وتاج العروس (أين).
(٢) انظر كتاب التيسير في القراءات السبع للداني (ص ١١٧) (قرأ ابن عامر بإثبات الألف في الوصل والباقون بحذفها فيه وإثباتها في الوقف إجماع).
(٣) في نسخة : حوأبه وجيأل ، وحوبه وجيل.