تثنية سواء بتثنية (سي) فقالوا : سيّان ولم يقولوا سواءان ، وتثنية ضبع الذي هو اسم لمؤنّث عن تثنية ضبعان الذي هو اسم لمذكر فقالوا : ضبعان ولم يقولوا : ضبعانان.
قال أبو حيان : العرب تستغني ببعض الألفاظ عن بعض ، ألا ترى استغناءهم بترك وتارك عن ، وذر ، وواذر ، وبقولهم رجل آلي عن أعجز وامرأة عجزاء عن ألياء في أشهر اللغات.
وقد عقد ابن جنّي في (الخصائص) بابا في الاستغناء بالشيء عن الشيء ، قال (١) فيه : قال سيبويه (٢) : اعلم أن العرب قد تستغني بالشيء عن الشيء حتى يصير المستغنى عنه مسقطا من كلامهم البتّة ، فمن ذلك استغناؤهم بترك عن (وذر) و (ودع) ، وبلمحة عن ملمحة وعليها كسرت ملامح ، وبشبه عن مشبه ، وعليه جاء مشابه ، وبليلة عن ليلاة ، وعليها جاءت ليالي ، على أن ابن الأعرابي قد أنشد : [الرجز]
٣٧ ـ في كلّ يوم ما وكل ليلاه
وهذا شاذّ لم يسمع إلا من هذه الجهة ، وكذلك استغنوا بأنيق عن أن يأتوا به والعين في موضعها ، فألزموه القلب أو الإبدال فلم يقولوا : (أنوق) إلا في شيء شاذّ حكاه الفراء ، وكذلك استغنوا (بقسيّ) عن قووس ، فلم يأت إلا مقلوبا ، ومن ذلك استغناؤهم بجمع القلّة عن جمع الكثرة نحو قولهم : (أرجل) فلم يأتوا فيه بجمع الكثرة.
وكذلك (آذان) جمع أذن لم يأتوا فيه بجمع الكثرة ، وكذلك (شسوع) لم يأتوا فيه بجمع القلّة ، وكذلك (أيام) لم يستعملوا فيه جمع الكثرة ، كذلك استغناؤهم بقولهم : ما أجود جوابه ، عمن هو أفعل منه في الجواب ، واستغناؤهم باشتدّ وافتقر عن قولهم : فقر وشدّ ، وعليه جاء فقير ، ومن ذلك استغناؤهم عن الأصل مجرّدا عن الزيادة بما استعمل منه حاملا للزيادة ، وهو صدر صالح من اللغة كقولهم : (حوشب) لم يستعمل منه (حشب) عارية من الواو الزائدة ، ومثله (كوكب) لم يستعمل منه (ككب) ، ومنه قولهم (دودري) لأنا لا نعرف دردر ، ومثله كثير في ذوات الأربعة وهو في الخمسة أكثر منه في الأربعة ، فمن الأربعة : فلنقس ، وصرنفح ، وسميدع ، وعميثل ، وسرومط ، وجحجبا ، وقسقبّ ، وقسحبّ ، وهرشف ، ومن ذوات
__________________
(١) انظر الخصائص (١ / ٢٦٦).
(٢) انظر الكتاب (٣ / ١٨٠).
٣٧ ـ الرجز بلا نسبة في المخصّص (٩ / ٤٤) ، وشرح المفصّل (٥ / ٧٣) ، وشرح الشافية (١٠٢) ، والدرر (٦ / ٢٨١) ، ومغني اللبيب رقم (٦٦) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٨٢) ، والخصائص (١ / ٢٦٧) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٤١١) ، ونسب لدلم أبي زغيب في اللسان (دلم) ، والتاج (دلم).