تجمعوا فرموا بأنفسهم فأزالوا صفنا وجلنا جولة فقلت لأبي مسلم : لو حركت دابتي حتى أشرف هذا التل فأصيح بالناس فقد انهزموا ، فقال : افعل قال قلت : وأنت أيضا فتحرك دابتك فقال : إن أهل الحجى لا يعطفون دوابهم على هذه الحال ناد يا أهل خراسان ارجعوا فإن العاقبة لمن اتقى ، قال : ففعلت فتراجع الناس وارتجز أبو مسلم يومئذ فقال :
من كان ينوي أهله فلا رجع |
|
فر من الموت وفي الموت وقع |
قال : وكان قد عمل لأبي مسلم عريش فكان يجلس عليه إذا التقى الناس فينظر إلى القتال فإن رأى خللا في الميمنة أو في الميسرة أرسل إلى صاحبها إن في ناحيتك انتشارا فاتق ألا تؤتى من قبلك فافعل كذا قدم خيلك كذا أو تأخر كذا إلى موضع كذا فإنما رسله تختلف إليهم برأيه حتى ينصرف بعضهم عن بعض.
قال فلما كان يوم الثلاثاء أو الأربعاء لسبع خلون من جمادى الآخرة سنة ١٣٦ أو ١٣٧ التقوا فاقتتلوا قتالا شديدا ، فلما رأى ذلك أبو مسلم مكر بهم فأرسل الحسن بن قحطبة وكان على ميمنته أن أعز الميمنة وضم أكثرها إلى الميسرة وليكن في الميمنة حماة أصحابك وأشداؤهم ، فلما رأى ذلك أهل الشام أعزوا ميسرتهم وانضموا إلى ميمنتهم بإزاء ميسرة أبي مسلم ، ثم أرسل أبو مسلم إلى الحسن أن مر أهل القلب فليحملوا مع من بقي في الميمنة على ميسرة أهل الشام فحملوا فحطموهم وجال أهل القلب والميمنة ، قال : وركبهم أهل خراسان فكانت الهزيمة. فقال عبد الله بن علي لابن سراقة الأزدي : ما ترى قال : أرى والله أن تصبر وتقاتل حتى تموت فإن الفرار قبيح بمثلك ، وقيل عتبه على مروان فقلت : قبح الله مروان جزع من الموت ففر قال : إني آتي العراق ، قال : فأنا معك ، فانهزموا وتركوا عسكرهم فاحتواه أبو مسلم وكتب بذلك إلى أبي جعفر فأرسل أبو جعفر أبا الخصيب مولاه يحصي ما أصابوا في عسكر عبد الله بن علي فغضب من ذلك أبو مسلم.
قال ابن الأثير : لما انهزم عبد الله وجمع أبو مسلم ما غنم من عسكره بعث أبو جعفر أبا الخطيب إلى أبي مسلم ليكتب ما أصاب من الأموال فأراد أبو مسلم قتله فتكلم فيه فخلى سبيله وقال أنا أمين على الدماء خائن في الأموال وشتم المنصور ، فرجع أبو الخطيب إلى المنصور فأخبره فخاف أن يمضي أبو مسلم إلى خراسان فكتب إليه إني قد