ابن ميمون : إن لي بالرصافة جارية فإن رأيت أن تأذن لي فآتيها وأوصيها ببعض ما أريد ثم ألحقك ، فأذن له فأتاها فأقام عندها ، ثم خرج من الرصافة يريد حميدا فلقيه سعيد البربري مولى عبد الله بن علي فأخذه فقتله ، وأقبل عبد الله بن علي حتى نزل نصيبين وخندق عليه وأقبل أبو مسلم وكتب أبو جعفر إلى الحسن بن قحطبة وكان خليفته بأرمينيا أن يوافي أبا مسلم ، فقدم الحسن بن قحطبة على أبي مسلم وهو بالموصل وأقبل أبو مسلم فنزل ناحية لم يعرض له وأخذ طريق الشام ، وكتب إلى عبد الله إني لم أومر بقتالك ولم أوجه له ولكن أمير المؤمنين ولاني الشام وإنما أريدها ، فقال من كان مع عبد الله من أهل الشام لعبد الله : كيف نقيم معك وهذا يأتي بلادنا وفيها حرمنا فيقتل من قدر عليه من رجالنا ويسبي ذرارينا ، ولكنا نخرج إلى بلادنا فنمنعه حرمنا وذرارينا ونقاتله إن قاتلنا ، فقال لهم عبد الله بن علي : إنه والله ما يريد الشام وما وجه إلا لقتلكم ولئن أقمتم ليأتينكم ، قال : فلم تطب أنفسهم وأبوا إلا المسير إلى الشام. قال : وأقبل أبو مسلم فعسكر قريبا منهم وارتحل عبد الله بن علي من عسكره متوجها نحو الشام وتحول أبو مسلم حتى نزل في معسكر عبد الله بن علي في موضعه وغوّر ما كان حوله من المياه وألقى فيها الجيف ، وبلغ عبد الله بن علي نزول أبي مسلم في معسكره فقال لأصحابه من أهل الشام : ألم أقل لكم ، وأقبل فوجد أبا مسلم قد سبقه إلى معسكره فنزل في موضع عسكر أبي مسلم الذي كان فيه فاقتتلوا أشهرا خمسة أو ستة وأهل الشام أكثر فرسانا وأكمل عدة وعلى ميمنته عبد الله بكار بن مسلم العقيلي وعلى ميسرته حبيب بن سويد الأسدي وعلى الخيل عبد الصمد ابن علي وعلى ميمنة أبي مسلم الحسن بن قحطبة وعلى الميسرة أبو نصر حازم بن خزيمة فقاتلوا شهرا.
قال علي : قال هشام بن عمرو التغلبي : كنت في عسكر أبي مسلم فتحدث الناس يوما فقيل أي الناس أشد ؟ فقال : قولوا حتى أسمع ، فقال رجل : أهل خراسان وقال آخر : أهل الشام ، فقال أبو مسلم : كل قوم في دولتهم أشد الناس. قال : ثم التقينا فحمل علينا أصحاب عبد الله بن علي فصدمونا صدمة أزالونا بها عن مواضعنا ثم انصرفوا ، وشد علينا عبد الصمد في خيل مجردة فقتل منا ثمانية عشر رجلا ثم رجع في أصحابه ، ثم