والسلاح وخندق وجمع إليه الطعام والعلوفة وما يصلحه ، ومضى أبو مسلم سائرا من الأنبار ولم يتخلف عنه من القواد أحد ، وبعث على مقدمته مالك بن الهيثم الخزاعي وكان معه الحسن وحميد ابنا قحطبة ، وكان حميد قد فارق عبد الله بن علي وكان عبد الله أراد قتله ، وخرج معه أبو إسحاق أخوه وأبو حميد وأخوه وجماعة من أهل خراسان ، وكان أبو مسلم استخلف على خراسان حين شخص خالد بن إبراهيم أبا داود.
قال الهيثم : كان حصار عبد الله بن علي مقاتلا العكي أربعين ليلة ، فلما بلغه مسير أبي مسلم إليه وأنه لم يظفر بمقاتل وخشي أن يهجم عليه أبو مسلم أعطى العكي أمانا فخرج إليه فيمن كان معه وأقام معه أياما يسيرة ، ثم وجهه إلى عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي إلى الرقة ومعه ابناه وكتب إليه كتابا دفعه إلى العكي ، فلما قدموا على عثمان قتل العكي وحبس ابنيه ، فلما بلغته هزيمة عبد الله بن علي وأهل الشام بنصيبين أخرجهما فضرب أعناقهما ، وكان عبد الله بن علي خشي ألا يناصحه أهل خراسان فقتل منهم نحوا من سبعة عشر ألفا أمر صاحب شرطته فقتلهم. وكتب لحميد بن قحطبة كتابا ووجهه إلى حلب وعليها زفر بن عاصم ، وفي الكتاب : إذا قدم عليك حميد بن قحطبة فاضرب عنقه ، فسار حميد حتى إذا كان ببعض الطريق فكر في كتابه وقال : إن ذهابي بكتاب ولا أعلم ما فيه لغرر ، ففك الطومار فقرأ ، فلما رأى ما فيه دعا أناسا من خاصته فأخبرهم الخبر وأفشى إليهم أمره وشاورهم وقال : من أراد منكم أن ينجو ويهرب فليسر معي فإني أريد أن آخذ طريق العراق ، وأخبرهم ما كتب به عبد الله بن علي في أمره وقال لهم : من لم يرد منكم أن يحمل نفسه على السير فلا يفشين سري وليذهب حيث أحب ، قال : فاتبعه على ذلك ناس من أصحابه فأمر حميد بدوابه فأنعلت وأنعل أصحابه دوابهم وتأهبوا للسير معه ، تم فوز بهم وبهرج الطريق فأخذ على ناحية من الرصافة رصافة هشام بالشام وبالرصافة يومئذ مولى لعبد الله بن علي يقال له سعيد البربري ، فبلغه أن حميد بن قحطبة قد خالف عبد الله بن علي وأخذ في المفازة فسار في طلبه فيمن معه من فرسانه فلحقه ببعض الطريق ، فلما بصر به حميد ثنى عنان فرسه نحوه حتى لقيه فقال له : ويحك أما تعرفني والله مالك في قتالي من خير فارجع فلا تقتل أصحابي وأصحابك فهو خير لك ، فلما سمع كلامه عرف ما قال له فرجع إلى الرصافة ، ومضى حميد ومن كان معه فقال له صاحب حرسه موسى