قال ابن الأثير في حوادث سنة ١٣٧ : وفي هذه السنة عقد السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس لأخيه أبي جعفر عبد الله بن محمد بالخلافة من بعده وجعله ولي عهد المسلمين ، ومن بعد أبي جعفر ولد أخيه عيسى بن محمد بن علي ، وجعل العهد في ثوب وختمه بخاتمه وخواتيم أهل بيته ودفعه إلى عيسى بن موسى ، فلما توفي السفاح كان أبو جعفر بمكة فأخذ البيعة لأبي جعفر عيسى بن موسى وكتب إليه يعلمه بوفاة السفاح والبيعة له.
قال ابن جرير الطبري : وذكر علي بن محمد عن الوليد عن أبيه أن عيسى بن موسى كان قد أحرز بيوت الأموال والخزائن والدواوين حتى قدم عليه أبو جعفر الأنبار فبايع الناس له بالخلافة ثم لعيسى بن موسى من بعده ، فسلم عيسى بن موسى إلى أبي جعفر الأمر ، وقد كان عيسى بن موسى بعث أبا غسان واسمه يزيد بن زياد وهو صاحب أبي العباس إلى عبد الله بن علي ببيعة أبي جعفر وذلك بأمر أبي العباس قبل أن يموت حين أمر الناس بالبيعة لأبي جعفر من بعده ، فقدم أبو غسان على عبد الله بن علي بأفواه الدروب متوجها يريد الروم ، فلما قدم عليه أبو غسان بوفاة أبي العباس وهو نازل بموضع يقال له دلوك أمر مناديا فنادى الصلاة جامعة ، فاجتمع إليه القواد والجند فقرأ عليهم الكتاب بوفاة أبي العباس ودعا الناس إلى نفسه وأخبرهم أن أبا العباس حين أراد أن يوجه الجنود إلى أبي مروان بن محمد دعا بني أبيه فأرادهم على المسير إلى مروان بن محمد وقال : من انتدب منكم فسار إليه فهو ولي عهدي ، فلم ينتدب له غيري ، فعلى هذا خرجت من عنده وقتلت من قتلت ، فقام أبو غانم الطائي وخفاف المروروذي في عدة من قواد أهل خراسان فشهدوا له بذلك فبايعه أبو غانم وخفاف وأبو الأصبع وجميع من كان معه من أولئك القواد فيهم حميد بن قحطبة وخفاف الجرجاني وحياش بن حبيب ومخارق بن غفار وتزار خداو وغيرهم من أهل خراسان والشام والجزيرة وقد نزل تل محمد ، فلما فرغ من البيعة ارتحل فنزل حران وبها مقاتل العكي وكان أبو جعفر استخلفه لما قدم على أبي العباس فأراد مقاتلا على البيعة فلم يجبه وتحصن منه ، فأقام عليه وحصره حتى استنزله من حصنه فقتله وسرح أبو جعفر لقتال عبد الله بن علي أبا مسلم الخراساني ، فلما بلغ عبد الله إقبال أبي مسلم أقام بحران ، وقال أبو جعفر لأبي مسلم : إنما هو أنا وأنت فسار أبو مسلم نحو عبد الله وهو بحران وقد جمع إليه الجنود