الهاشمي صاحب صلاة الكوفة قال دخلت على والدتي في يوم نحر فوجدت عندها امرأة برزة [ بارزة المحاسن ] في ثياب رثة فقالت لي والدتي : أتعرف هذه ؟ قلت : لا قالت : يا أمه ما أعجب ما رأيت ، فقالت : لقد أتى علي يا بني عيد مثل هذا وعلى رأسي أربعماية وصيفة وإني لأعد ابني عاقا لي ، ولقد أتى علي يا بني هذا العيد وما مناي إلا جلد شاتين أفترش أحدهما وألتحف الآخر ، قال : فدفعت إليها خمسمائة درهم فكادت تموت فرحا بها ولم تزل تختلف إلينا حتى فرق الموت بيننا. اه.
وقال ابن خلكان في ترجمة يحيى بن خالد : ولما قتل هارون الرشيد جعفر بن يحيى حبس يحيى وابنه الفضل وكان حبسهما في الرافقة وهي الرقة القديمة مجاورة الرقة الجديدة وهي البلدة المشهورة الآن على شاطىء الفرات ويقال لهما الرقتان تغليبا لأحد الاسمين على الآخر ، ولم يزل يحيى في حبس الرافقة إلى أن مات في الثالث من المحرم سنة تسعين ومائة فجأة من غير علة وهو ابن سبعين سنة وصلى عليه ابنه الفضل ودفن في شاطىء الفرات في ربض هرثمة ووجد في جيبه رفعة فيها مكتوب بخطه : قد تقدم الخصم والمدعى عليه في الأثر والقاضي هو الحكم العدل الذي لا يجور ولا يحتاج إلى بينة ، فحملت الرقعة إلى الرشيد ولم يزل يبكي يومه كله وبقي أياما يتبين الأسى في وجهه رحمهماالله تعالى.
وقال في ترجمة الفضل بن يحيى : إن ولادته كانت سنة سبع وأربعين ومائة وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة في المحرم في السجن غداة جمعة بالرقة ، ولما بلغ الرشيد موته قال : أمري قريب من أمره ، وكذا كان فإنه توفي في هذه السنة في جمادى الآخرة.
وقال ابن الأثير في حوادث هذه السنة : إن الفضل كان يقول : ما أحب أن يموت الرشيد لأن أمري قريب من أمره ، ولما مات صلى عليه أخوانه في القصر الذي كانوا فيه ثم أخرج فصلى عليه الناس ، وجزع الناس عليه وكان من محاسن الدنيا لم ير في العالم مثله ، ولاشتهار أخبار أهله وحسن سيرتهم لم نذكرها.
سنة ١٨١
قال ابن جرير : فيها غزا الروم عبد الملك بن صالح فبلغ أنقرة وافتتح مطمورة. وفيها أحدث الرشيد عند نزوله الرقة في صدور كتبه الصلاة على محمد صلىاللهعليهوسلم.