يحتاج إليه الأمراء من الآداب والسياسة وغير ذلك وقد أثبت منه أحسنه لما فيه من الآداب والحث على مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم لأنه لا يستغني عنه أحد من ملك وسوقة.
أقول : عبارته تفيد أنه حذف منه مع أنه قد أورده بتمامه إلا أربعة أسطر في الآخر ، وقد ذكره ابن جرير الطبري وإني أنقله عنه لأنه في ابن الأثير فيه غلط وتحريف من الطبع وفي ابن جرير أصح وأضبط ، وبعد أن انتهى منه قال : ذكر أن طاهرا لما عهد إلى ابنه عبد الله هذا العهد تنازعه الناس وكتبوه وتدارسوه وشاع أمره حتى بلغ المأمون ، فدعا به وقرىء عليه فقال : ما بقى أبو الطيب شيئا من أمر الدين والدنيا والتدبير والرأي والسياسة وإصلاح الملك والرعية وحفظ البيضة وطاعة الخلفاء وتقويم الخلافة إلا وقد أحكمه وأوصى به. وتقدم وأمر أن يكتب بذلك إلى جميع العمال في نواحي الأعمال ، وتوجه عبد الله بن طاهر إلى عمله فسار بسيرته واتبع أمره وعمل بما عهد إليه ، وهذا نص الكتاب :
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد فعليك بتقوى الله وحده لا شريك له وخشيته ومراقبته ومزايلة سخطه وحفظ رعيتك. والزم ما ألبسك الله من العافية بالذكر لمعادك وما أنت صائر إليه وموقوف عليه ومسؤول عنه والعمل في ذلك كله بما يعصمك الله وينجيك يوم القيامة من عذابه وأليم عقابه ، فإن الله قد أحسن إليك وأوجب عليك الرأفة بمن استرعاك أمرهم من عباده وألزمك العدل عليهم والقيام بحقه وحدوده فيهم والذب عنهم والدفع عن حريمهم وبيضتهم والحقن لدمائهم والأمن لسبيلهم وإدخال الراحة عليهم في معايشهم ، ومؤاخذك بما فرض عليك من ذلك وموقفك عليه ومسائلك عنه ومثيبك عليه بما قدمت وأخرت. ففرغ لذلك فكرك وعقلك وبصرك ورؤيتك ولا يذهلك عنه ذاهل ، ولا يشغلك عنه شاغل ، فإنه رأس أمرك وملاك شأنك وأول ما يوفقك الله به لرشدك ، وليكن أول ما تلزم به نفسك وتنسب إليه فعالك المواظبة على ما افترض الله عليك من الصلوات الخمس والجماعة عليها بالناس قبلك في مواقيتها على سنتها في إسباغ الوضوء لها وافتتاح ذكر الله فيها ، وترتل في قراءتك وتمكن في ركوعك وسجودك ولتصدق فيها لربك نيتك ، واحضض عليها جماعة من معك وتحت يدك ، وادأب عليها فإنها كما قال الله تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ثم أتبع ذلك بسنن رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمثابرة على خلائقه واقتفاء آثار السلف الصالح من بعده. وإذا ورد عليك