وكاتب الموفق في المسير إليه واشترط شروطا ، فأجابه أبو أحمد الموفق إليها وكان بالرقة فسار إلى الموفق فنزل قرقيسيا وبها ابن صفوان العقيلي فحاربه وأخذها منه وسلمها إلى أحمد بن مالك بن طوق ، وسار إلى الموفق فوصل إليه وهو يقاتل الخبيث العلوي [ عميد الزنج الخارج في بلاد العراق على الموفق ].
قال في زبدة الحلب : وقتل لؤلؤ العلوي بالبصرة في سنة تسع وستين ومائتين فوجد له أربعمائة ألف دينار ، فذكر لؤلؤ الطولوني أنه لا يعرف لنفسه ذنبا إلا كثرة ماله وأثاثه ، ولما انحدر لؤلؤ من الرقة كان معه من السفن والخزائن زهاء ثلاثماية خزانة.
قال ابن الأثير في حوادث سنة ٢٧٣ : ولم تزل أمور لؤلؤ في إدبار إلى أن افتقر ولم يبق له شيء ، ثم عاد إلى مصر في آخر أيام هارون بن خمارويه فريدا وحيدا بغلام واحد فكان هذا ثمرة العقل السخيف وكفر الإحسان اه. هذا ما كان من أمر لؤلؤ مع أبي الموفق.
وأما ما كان من أمر أحمد بن طولون مع المعتمد فإن المعتمد سار نحو مصر ، وكان سبب ذلك أنه لم يكن له من الخلافة غير اسمها ولا ينفذ له توقيع لا في قليل ولا كثير ، وكان الحكم كله للموفق والأموال تجبى إليه ، فضجر المعتمد من ذلك وأنف منه ، فكتب إلى أحمد بن طولون يشكو إليه حاله سرا من أخيه الموفق فأشار عليه أحمد باللحاق به بمصر ووعده النصرة وسير عسكرا إلى الرقة ينتظر وصول المعتمد إليه ، فاغتنم المعتمد غيبة الموفق عنه فسار في جمادى الأولى ومعه جماعة من القواد فأقام بالتكميل يتصيد ، فلما سار إلى عمل إسحاق بن كنداجيق وكان عامل الموصل وعامة الجزيرة وثب بن كنداجيق بمن مع المعتمد من القواد فقبضهم وهم ينزك وأحمد بن خاقان وخطارمش فقيدهم وأخذ أموالهم ودوابهم ، وكان قد كتب إليه صاعد بن مخلد وزير الموفق عن الموفق وكان سبب وصوله إلى قبضهم أنه أظهر أنه معهم في طاعة المعتمد إذ هو الخليفة ، ولقيهم لما صاروا إلى عمله وسار معهم عدة مراحل ، فلما قارب عمل ابن طولون ارتحل الأتباع والغلمان الذين مع المعتمد وقواده ولم يترك ابن كنداجيق أصحابه يرحلون ، ثم خلا بالقواد عند المعتمد وقال لهم : إنكم قاربتم عمل ابن طولون والأمر أمره وتصيرون من جنده وتحت يده ، أفترضون بذلك وقد علمتم أنه كواحد منكم ، وجرت بينهم في ذلك مناظرة حتى تعالى النهار ولم