وعاد إلى الشام فأتاه خبر ولده العباس وهو الذي استخلفه بمصر أنه قد عصى عليه وأخذ الأموال وسار إلى برقة مشافقا لأبيه فلم يكترث بذلك ولم ينزعج له وثبت وقضى أشغاله وحفظ أطراف بلاده وترك بحران عسكرا وبالرقة عسكرا مع غلامه لؤلؤ ، وكانت حران لمحمد بن أتامش ، وكان شجاعا فأخرجه عنها وهزمه هزيمة قبيحة واتصل خبره بأخيه موسى بن أتامش وكان شجاعا بطلا فجمع عسكرا كثيرا وسار نحو حران وبها عسكر ابن طولون ومقدمهم أحمد بن جيعويه ، فلما اتصل به خبر مسير موسى أقلقه وأزعجه ، ففطن له رجل من الأعراب يقال له أبو الأغر فقال له : أيها الأمير أراك مفكرا منذ أتاك خبر ابن أتامش وما هذا محله ، فإنه طياش قلق ولو شاء الأمير أن آتيه به أسيرا لفعلت ، فغاظه قوله وقال : قد شئت أن تأتي به أسيرا ، قال : فاضمم إليّ عشرين رجلا أختارهم ، قال : افعل ، فاختار عشرين رجلا وسار بهم إلى عسكر موسى ، فلما قاربهم كمن بعضهم وجعل بينه وبينهم علامة إذا سمعوها ظهروا ثم دخل العسكر في الباقين في زي الأعراب وقارب مضارب موسى وقصد خيلا مربوطة فأطلقها وصاح هو وأصحابه فيها فنفرت ، وصاح هو ومن معه من الأعراب وأصحاب موسى غارون وقد تفرق بعضهم في حوائجهم ، وانزعج العسكر وركبوا وركب موسى فانهزم أبو الأغر من بين يديه فتبعه حتى أخرجه من العسكر وجاز به الكمين فنادى أبو الأغر بالعلامة التي بينهم فثاروا من النواحي وعطف أبو الأغر على موسى فأسروه فأخذوه وساروا حتى وصلوا إلى ابن جيعويه فعجب الناس من ذلك وحاروا ، فسيره ابن جيعويه إلى ابن طولون فاعتقله وعاد إلى مصر وكان ذلك في سنة خمس وستين ومائتين. اه.
سنة ٢٦٨
قال ابن الأثير : فيها في ذي القعدة خرج بالشام رجل من ولد عبد الملك بن صالح الهاشمي يقال له بكار بين سلمية وحلب وحمص فدعا لأبي أحمد الموفق ، فحاربه ابن عباس الكلابي فانهزم الكلابي ، فوجه إليه لؤلؤ صاحب ابن طولون قائدا يقال له يوذر في عسكر ، فرجع وليس معه كبير أمر. وفيها خالف لؤلؤ صاحب ابن طولون صاحب مصر على مولاه وفي يده حمص وقنسرين وحلب وديار مضر من الجزيرة وسار إلى بالس فنهبها ،