سواده وتقطع أصحابه في ذلك البلد فهلكوا وتبعوه إلى حلب ، فعبر إلى الرقة وانحاز يانس المؤنسي من عساكر سيف الدولة إلى أنطاكية ، ووصل ابن الأخشيد حلب في ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة فأقام بها وسيف الدولة بالرقة ، فراسل أنوجور يانس المؤنسي وهو بأنطاكية وضمن هو وكافور ليانس أن يجعلا بحلب في مقابلة سيف الدولة ، وضمن لهما يانس أن يقوم في وجه سيف الدولة بحلب وأن يعطيهم ولده رهينة على ذلك ، فأجابوه ، وانصرف كافور وأنوجور بالعسكر عن حلب إلى القلعة وأتاها يانس فتسلمها. وقيل إن الأخشيدية عادوا وأقام سيف الدولة بحلب ، فخالف عليه يانس والساجية وأرادوا القبض عليه فهرب وكتابه وأصحابه ، وملك يانس حلب ، ولم يقم يانس بحلب إلا شهرا حتى أسرى سيف الدولة إلى حلب في شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين ، فكبسه فانهزم يانس إلى سرمين يريد الأخشيد ، فأنفذ سيف الدولة في طلبه سرية مع إبراهيم بن البارد العقيلي فأدركته عند داديخ ، فانهزم وخلى عياله وسواده وأولاده وانهزم إلى أخيه بميافارقين ، وكان ابن البارد قد وصل إلى سيف الدولة في سنة خمس وثلاثين ، وكان في خدمة أخيه ناصر الدولة ، ففارقه وقدم على سيف الدولة. ثم إن الرسل ترددت بين سيف الدولة وابن الأخشيد وتجدد الصلح بينهما على القاعدة التي كانت بينه وبين أبيه دون المال المحمول عن دمشق ، وعمر سيف الدولة داره بالحلبة وقلد أبا فراس ابن عمه منبج وما حولها من القلاع ، واستقرت ولاية سيف الدولة لحلب من سنة ست وثلاثين وثلثمائة ، وهذه هي الولاية الثالثة. اه. (١)
قال في الزبد والضرب : لما عاد سيف الدولة إلى حلب ولى قضاءها أحمد بن إسحاق الحلبي الحنفي المعروف بالجرد ، ولما عمر القصر بالحلبة أجرى نهر قويق فيه من تحت الخناقية حتى تدخل فيه من جانب وتخرج من آخر في المكان المعروف بالفيض.
ويقال إن سيف الدولة رأى في المنام أن حية قد تطوقت داره ، فعظم عليه ذلك فقال له بعض المفسرين : الحية في النوم ماء ، فأمر بحفر حفير بين داره وبين قويق حتى
__________________
(١) إلى هنا انتهت النبذة المطبوعة من زبدة الحلب في باريس مع ترجمتها بالإفرنسية الموجودة في المكتبة السلطانية بمصر وعنها استنسخت.