حمص لقصد حمص ، فتواصلت الأخبار بوصول خلق من الفرنج قاصدين أنطاكية ، فقال باغيسيان : عودنا إلى أنطاكية ولقاء الفرنج أولى ، وقال سكمان : سيرنا إلى ديار بكر وأخذها من المتغلبين ونتقوى بها وأنزل أهلي بها ونعود إلى حمص أولى ، واختلفوا فسار الملك رضوان نحو حلب حفلا وكان معه وزيره أبو النجم بن بديع وزير أبيه تتش أبي القسم وكان قد ولاه وزارته حين ملك حلب فاتهماه أنه هو الذي يفسد الحال مع رضوان ، فطلع إلى حصن شيزر وأقام بها عند ابن منقذ خشية من باغيسيان وسكمان ، فلما سارا عن شيزر سار إلى حلب ولحق بالملك رضوان ، ولما عاد رضوان مغاضبا لبغيسيان وسكمان عاد الأمراء من شيزر إلى أنطاكية وبلغهم نزول الفرنج البلانة ونهبها ، ولما دخل بغيسيان أنطاكية أخرج ولديه شمس الدولة ومحمدا فسار أحدهما إلى دقاق وطغتكين يستنجد هما وبث كتبه إلى جناح الدولة ووثاب بن محمود وبني كلاب وسار محمد ابنه إلى التركمان وكربغا وأمراء الشرق وملوكه وسارت كتبه إلى جميع أمراء المسلمين.
وفي ثامن شهر رمضان وصل من قبرس إلى مينا اللاذقية اثنان وعشرون قطعة في البحر فهجموه وأخذوا منه جميع ما كان للتجار ونهبوا اللاذقية وعادوا ، ووصلت الفرنج إلى الشام واعتبروا عسكرهم فكانوا ثلاثمائة ألف وعشرين ألف إنسان لأنهم وصلوا من جهة الشمال ، وفي اليوم الثاني من شوال نزلت عساكر الفرنج على بغراس وأغاروا على أعمال أنطاكية ، فعند ذلك عصى من كان في الحصون والمعاقل المجاورة لأنطاكية وقتلوا من كان بها وهرب من هرب منها ، وفعل أهل أرتاح مثل ذلك واستدعوا المدد من الفرنج ، وهذا كله لقبح سيرة باغيسيان وظلمه في بلاده ، ونزل الفرنج على أنطاكية لليلتين بقيتا من شوال من سنة تسعين وأربعمائة اه.
أقول : الظاهر أن سيرهما إلى شيزر كان بعد القتال الذي حصل في قنسرين كما تقدم آنفا.
ذكر الخطبة للعلوي المصري بولاية رضوان
في هذه السنة خطب الملك رضوان في كثير من ولايته للمستعلي بامر الله العلوي صاحب مصر ، وسبب ذلك أنه كان عنده الأمير جناح الدولة وهو زوج أمه فرأى من