الفرس وفاته الكسب. ثم رحل نحوها فحصرها ثلاثة أيام واتصل به ما أوجب رحيله إلى أنطاكية.
ولما بلغ إيلغازي إصرار ولده على العصيان ضاقت عليه الأرض وأعمل في الوصول إليه وأخذ حلب منه ، فكاتبه أقوام وعرفوه أن ما بحلب ما يدفعه عنها ، فسار حتى وصل إلى قلعة جعبر فضعفت نفس ابنه سليمان عن العصيان على أبيه : فأنفذ إليه من استحلفه على الصفح عنه والإحسان إليه وإلى من حسن له العصيان مثل ابن قرناص وناصر الحاجب وأكد الأيمان على ذلك ، ودخل حلب في أول شهر رمضان فخرج الناس للقائه ودخل إلى القصر وأحسن إلى أهل حلب وسامحهم بشيء من المكوس وصرف الشحنة الذي كان يؤذي الناس في البلد وقبض على الرئيس مكي بن قرناص وعلى أهله وشق لسانه وكحله وأخذ ما وجد له وسلم أخاه إلى من يعذبه واستصفى ماله ، وكحل ناصر الحاجب فعنى به من تولى أمره فسملت إحدى عينيه ، وعوقب طاهر بن الزاير وكان من أعوان الرئيس مكي ، وأعاد الملوك أولاد رضوان من قلعة جعبر إلى حلب ، وخطب بنت الملك رضوان وتزوج بها ودخل بها بحلب وولى رياسة حلب سلمان بن عبد الرزاق العجلاني البالسي وولى ابن أخيه بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار نيابته في حلب ، وصالح الفرنج مدة كاملة وأعطاهم من الضياع ما كان بأيديهم أيام مملكتهم الأثارب وزردنا.
زيادة بيان لما تقدم :
قال ابن الأثير : في هذه السنة عصى سليمان بن إيلغازي بن أرتق على أبيه بحلب وقد جاوز عمره عشرين سنة ، حمله على ذلك جماعة ممن عنده ، فسمع والده الخبر فسار مجدا لوقته فلم يشعر به سليمان حتى هجم عليه فخرج إليه معتذرا فأمسك عنه وقبض على من كان أشار إليه بذلك منهم أمير كان قد التقطه أرتق والد إيلغازي ورباه اسمه ناصر ، فقلع عينيه وقطع لسانه ، ومنهم إنسان من أهل حماة من بيت قرناص كان قد قدمه إيلغازي على أهل حلب وجعل إليه الرياسة فجازاه بذلك وقطع يديه ورجليه وسمل عينيه فمات ، وأحضر ولده وهو سكران فأراد قتله فمنعه رقة الوالد فاستبقاه فهرب إلى دمشق ، فأرسل طغتكين يشفع فيه فلم يجبه إلى ذلك ، واستناب بحلب سليمان ابن أخيه عبد الجبار بن أرتق ولقبه بدر الدولة وعاد إلى ماردين.