واستنجد الملك طغرل إيلغازي بن أرتق على الكرج وملكهم داود ، فسار إليه في عالم عظيم ومعه دبيس بن صدقة ( من ملوك سواد العراق ) فكسرهم المسلمون ودخلوا وراءهم في الدرب فكر الكرج عليهم في الدرب فانهزم المسلمون وتبعهم الكرج قتلا وأسرا ، ونهب لدبيس ما مقداره ثلثمائة ألف دينار ووصل مع نجم الدين إيلغازي إلى ماردين سالما.
وأنفذ إيلغازي إلى ابنه سليمان بحلب يلتمس منه أشياء فقبّح ذلك عنده وقيل له أشياء أوجبت عصيانه على والده فعصى ، وأخرج الملوك سلطان شاه وإبراهيم وغيرهما من حلب فمضوا إلى قلعة جعبر فمد يده في مصادرة أهل حلب وظلمهم والفساد ، وقيل إن دبيس بن صدقة لما سار مع إيلغازي إلى بلاد الكرج سأل إيلغازي في الطريق أن يهب له حلب وأن يحمل إليه دبيس مائة ألف دينار يجمع بها التركمان ويعاضده حتى يفتح أنطاكية ، فأجابه إيلغازي إلى ذلك وأخذ يده على ذلك ، فلما وقعت كسرة الكرج بدا له من ذلك فأنفذ إلى ولده سليمان وكان خفيفا وقال له : أظهر أنك قد عصيت عليّ حتى يبطل ما بيني وبين دبيس ، فحمله الجهل على أن عصى ونابذ أباه ، ووافقه مكي بن قرناص والحاجب ناصر وهو شحنة حلب وغيرها ، وقبض سليمان حجاب أبيه فصفعهم وحلق لحاهم ومد يده إلى أموال الناس وظلمهم فطمع الفرنج وقربهم سليمان فنزلوا زردنا وعمروها لابن صاحبها كليام بن الأبرص ، ثم سار الفرنج إلى باب حلب فكبسوا في طريقهم حاضر طي وغيرها فخرج إليهم الحاجب ناصر والعسكر فكسروهم وقتلوا منهم جماعة.
وخرج بغدوين في جمادى الآخرة فنازل خناصرة وأخذها وحمل باب حصنها إلى أنطاكية ونزل برج سينا ففعل به كذلك وكذلك فعل بغيرهما من حصون النقرة والأحص وسبى وأحرق ونهب وعاد فنزل صلدع على نهر قويق ، وخرج إليه أترز بن ترك طالبا منه الصلح مع سليمان فقال : على شرط أن يعطيني سليمان الأثارب حتى أحفظه وأنا أذب عنه وأقاتل دونه ، فقال له : ما يجوز نسلم ثغرا من ثغور حلب في بدر مملكته بل التمس غير هذا مما يمكن لنوافقك عليه ، فقال له : الأثارب لا يقدر صاحب حلب على حفظها فإني قد عمرت عليها الحصون بما دارت وأنا أعلمكم أنها اليوم تشبه فرسا لفارس قد أعطبت يداها وللفارس هري شعير يعلفها رجاء أن تبرأ ويكسب عليها فنفد هري الشعير وعطبت