عشر يوما وحلف هو لهم على أن ينجدهم ومضى على أن يستجيش فإن جازت هذه المدة ولم يصلهم فإنه يبتاع دماءهم بكل ما يملكه ، وقال لهم : والله لكم علي من الشاهدين لئن لم يخلصكم إلا إسلامي إن قبله أسلمت على يديه لخلاصكم ، وخرج حتى وصل إلى بغدوين صاحب أنطاكية وهو بأكناف طرابلس في حكومة بينه وبين صاحبها فأخبره بعبور إيلغازي وبما بلغه من قصده زردنا ، فقال : مذ حلفنا له وحلف لنا ما نكثنا وحفظنا بلده في غيبته ونحن شيوخ وما أظنه يغدر بل ربما قصد طرابلس أو قصدني في القدس لأنني ما صالحته إلا على أنطاكية وأعمالها ، بل يجب أن تعود إلى أفامية وكفر طاب وتكشف ما يتجدد ، فعاد وكشف الأمر وسير إلى بغدوين فأعلمه بنزوله على زردنا فصالح صاحب طرابلس وشرط عليه الوصول إليه ، ووصل أنطاكية واستدعى جوسلين ، ونصب المسلمون مجانيق أربعة على زردنا وأخذوا الفصيل الأول فوصل الفرنج بعد أربعة عشر يوما من منازلة المسلمين لها فنزلوا تحت الدير ، وبلغ الخبر إيلغازي فنزل زردنا وتوجه نحوهم فنزل نواز وطلب أن يخرج الفرنج من الضيق إلى السعة فلم يخرجوا فرحل إلى تل السلطان وأتابك طغتكين في صحبته ، فخرج الفرنج فنزلوا على نواز وهجموا ربض الأثارب وأحرقوا البيدر والجدار ، ودخل صاحبها يوسف بن ميرخان قلعتها ونزلوا أبين ورحلوا منها ونزلوا دانيث وأقاموا عليها فلم يصلهم أحد ، فعادوا إلى بلادهم فعاد إيلغازي فنزل زردنا وهجم الحوش الثاني وقتل جماعة من الفرنج ، فعاد الفرنج ونزلوا تحت الدير فرحل إيلغازي إلى نواز وأقام ثلاثة أيام يزاحف الفرنج وهم لا يخرجون إلى الصحراء ، فاتفق أن أكل إيلغازي لحم قديد كثيرا وجوزا أخضر وبطيخا وفواكه فانتفخ جوفه وضاق نفسه فاشتد به الأمر فرحل إلى حلب وتزايد به المرض ، فسار طغتكين إلى دمشق وبلك غازي إلى بلاده ، ورحل إيلغازي للتداوي بحلب فنزل القصر ولم يخلص من علته ، وخرج عسكر حلب في ألف فارس إلى تبّل من عمل أعزاز ومعهم أمراء منهم دولب بن قتلمش فنهبوا وعادوا فوقع عليهم عند حربل كليام في أربعين فارسا فانهزم المسلمون وقتل منهم جماعة.
وفي شهر رجب من هذه السنة ظفر بلك غازي بجوسلين وابن خالته قلران بالقرب من سروج فأسرهما وأسر ابن أخت طنكريد ، وقد كان أسره في وقعة ليلون واشترى نفسه بألف دينار وأسر ستين فارسا وطلب من جوسلين وقلران أن يسلما ما بأيديهما من المعاقل