ووصل حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي إلى حلب يوم الأربعاء العشرين من شهر ربيع الأول ودخل القلعة ونصب علمه ونادى الناس بشعاره وسار في رجب سنة ثمان عشرة واستوزر أبا الرجاء بن السرطان ، وولى الرياسة بحلب فضايل بن صاعد ، وسير إلى حران فحمل منها سلطان شاه بن رضوان وكان بلك أسكنه بها فاعتقله في دار بقلعة ماردين ، وكان فيها طاقة فتدلى منها بحبل وهرب إلى دارا ثم رحل منها إلى حصن كيفا إلى داود بن سكمان.
وفي العشر الأواخر من ربيع الأول سار نايب جوسلين من الرها وأغار على ناحية سنجان ونهبها ، فسار إليه نايب تمرتاش عمر الخاص وكان نائبه وربيب أبيه إيلغازي وركب خلفه في ثلاثمائة فارس فلحقه على مرج أكساس فقاتله وهزمه وقتله وقتل أكثر من كان معه من الفرنج وعاد غانما وأنفذ رؤوسهم وما غنم إلى تمرتاش إلى حلب ، وولاه تمرتاش شحنكية حلب ، وهو المدفون في القبة التي مقابل باب مشهد إبراهيم عليهالسلام واسمه مكتوب على جهاتها الأربع ، وولى قلعة حلب رجلا يقال له عبد الكريم.
وفي عشرة جمادى الأولى * من هذه السنة استقر الأمر بين الملك بغدوين صاحب أنطاكية وكان في سجن بلك بحلب وبين تمرتاش بن إيلغازي على تسليم الأثارب وزردنا والجزر وكفر طاب وعلى تسليم عزاز وثمانين ألف دينار ، وقدم منها عشرين ألف دينار وحلف على ذلك وعلى أن يخرج دبيسا بن صدقة من الناس وكان قد وصل دبيس منهزما من المسترشد بعد أن كسره المسترشد وقتل خلقا من عسكره فنزل بلاده وحمل ما قدر عليه من العين والعروض على ظهور المطايا ووفد على ابن سالم بن مالك بن بدران إلى قلعة دوسر واستجار به فأجاره وغاضب المسترشد والسلطان محمود في أمره ، وكاتب دبيس قوما من أهل حلب وأنفذ لهم جملة دنانير وسامهم تسليمها إليه ، وكشف ذلك رئيسها فضايل بن صاعد بن بديع فأطلع على ذلك تمرتاش بن إيلغازي فأخذهم وعذبهم وشنق بعضهم وصادر بعضا. وكان المتوسط في حديث بغدوين مع تمرتاش الأمير أبو العساكر سلطان بن منقذ ، وسيّر أولاده وأولاد أخوته رهنا عن بغدوين إلى حلب وفكت قيود بغدوين وأحضر إلى مجلس تمرتاش وتآكلا وتشاربا وخلع عليه قباء ملكيا وقلنسوة ذهب وخفافا مزّانا وأعيد عليه
__________________
( * ) في زبدة الحلب : وفي غرة جمادى الأولى...