فخرب كثير من البلاد ولا سيما حلب ، فإن أهلها لما كثرت عليهم فارقوا البلاد والبيوت وخرجوا إلى الصحراء ، وعدوا ليلة واحدة جاءتهم ثمانين مرة ، ولم تزل بالشام تتعاهدهم من رابع صفر إلى تاسع عشرة ، وكان معها صوت وهزة شديدة اه.
قال ابن العديم وفي يوم الخميس ثالث عشر صفر حدثت زلزلة شديدة ثم أتبعتها أخرى ، وتواصلت الزلازل فهرب الناس من حلب إلى ظاهر البلد ، وخرجت الأحجار من الحيطان إلى الطريق ، وسمع الناس دويا عظيما وانقلبت الأثارب فهلك فيها ستمائة من المسلمين وسلم الوالي ومعه نفر يسير ، وهلك أكثر البلاد من شيح وتل عماد وتل خالد وزردنا ، وشوهدت الأرض تموج والأحجار عليها تضطرب كالحنطة في الغربال ، وانهدم في حلب دور كثيرة وتشعث السور واضطربت جدران القلعة. وسار أتابك مشرقا فنزل القلعة وسار منها إلى القلعة [ هكذا ] ثم إلى الموصل ، وتواترت الزلازل وقيل إن عدتها كانت ثمانين زلزلة.
وكان في سنة اثنتين وثلاثين قد عول أتابك على قبض أملاك الحلبيين التي استحدثوها من أيام رضوان إلى آخر أيام إيلغازي ، ثم قرر عليهم عشرة آلاف ، فأدوا من ذلك ألف دينار ، وجاءت هذه الزلازل فهرب أتابك من القلعة إلى ميدانها خائفا وأطلق القطيعة.
وفي هذه السنة نهض سوار إلى الفرنج فغنم من بلادهم ولحقوه فاستخلصوا ما غنم ، وانهزم المسلمون فغنم الفرنج وأخذوا منهم ألفا ومائتي فارس وأسروا صاحب الكهف ابن عمرون وكان قد سلمها إلى الباطنية.
سنة ٥٣٤
قال ابن الأثير : في هذه السنة حصر أتابك زنكي دمشق مرتين. وملك شهرزور وأعمالها وما يجاورها ، وبسط الخبر في ذلك.
وفيها في ربيع الآخر مات قاضي حلب أبو غانم محمد بن أبي جرادة فولي قضاءها ولده أبو الفضل هبة الله محمد ، ولما استحضره أتابك وولاه القضاء قال له : هذا أمر قد نزعته من عنقي وقلدتك إياه فينبغي أن تتقي الله تعالى وأن تساوي بين الخصمين هكذا ، وجمع بين أصابعه. اه.