وهلبه واستمرت بأيديهم إلى أن أتى الملوك المصريون وحاربوهم وملكوها منهم وهم تدمس الأول وتدمس الثاني وسباتي الأول ورمسس الأول وذلك قبل التاريخ المسيحي ما بين ألفي سنة وخمسمائة إلى ثلاثة آلاف سنة ( يرد هذا القول ما يأتي بعد أسطر ) وهذا دليل على أنها من بناء بني حام ، ثم إن الكيتا صالحوا الملوك المصريين واستردوها منهم فلم تزل في أيديهم إلى أن أتى بنو آرام وتغلبوا على البلاد وأخذوها منهم كما قدمنا وحينئذ اشتهرت دولة بني آرام.
وفي مجلة ( المشرق جلد ٢ صحيفة ١٤ ) من مقالة لبولس جوون اليسوعي وصف بها حلب قال : ومما لا سبيل إلى إنكاره أن حلب كانت في القرن الرابع عشر قبل المسيح مدينة عامرة تشهد بذلك كتابة مصرية ترتقي إلى زمن رعمسيس الثاني وصف فيها سفر بعض المصريين إلى شمالي سورية جاء فيها مرارا ذكر [ حلبو ] أي حلب ، وورد أيضا في رقيم هيكل رعمسيس المذكور أن هذا الفرعون انتصر على أمير حلب وكان أتى في ١٨٠٠٠ لنصرة ملوك الخطييين أو الحثيين في واقعة قادش فغلبه رعمسيس ورماه في نهر العاصي فنجا منه بهمة جنوده وصورته على هذه البناية تمثاله معلقا برجليه يتقيأ ما تجرعه من الماء.
ولم تخل الكتابات البابلية من ذكر حلب وهي تدعى فيها باسم حلبو كما بين ذلك العلامة أوبير ، وزعم قوم أن بانيها نمرود أول ملوك بابل [ هو بلوكوش الذي قدمنا ذكره ].
وما نراه الأرجح في أصل مدينة حلب أن بناتها الحثيون من سلالة حام بن نوح ، وكانوا شعبا قويا تملكوا على سوريا الشمالية قبل فتوحات ملوك مصر من القرن السابع إلى القرن الرابع عشر قبل المسيح ، وقد أبقوا آثارا جليلة من ملكهم في جهات حمص وحماة وحلب ، وقد وجد في تلك الجهات تماثيل ورسوم وكتابات كثيرة سطرت بلغتهم التي لم يهتد العلماء حتى الآن إلى حل رموزها ، ونظن أن هذه المدن نفسها مشتقة من هذه اللغة الحثية ، ومما يؤيد رأينا أن في قلاع المدن المذكورة تشابها عظيما وكلها مبنية فوق تلال مركومة صناعيا وجوانبها مصفحة بصفائح الحجارة ، كما أن رسوم الكتابات الحثية فيها متشابهة تنبىء بأصل واحد.
وقد بقي في حلب من هذه الخطوط كتابة غاية في القدم قد ذهب بقسم منها فطمسه وهي الآن في حائط الجامع الشهير المعروف بجامع القيقان الذي يشرف على سورها القديم من جهة الغرب.