قنسرين ثم لجأوا إلى حصنهم وطلبوا الصلح فصالحهم أبو عبيدة على مثل صلح حمص وغلب المسلمون على أرضها وقراها ، وكان حاضر قنسرين لتنوخ مذ أول ما تنخوا بالشام نزلوه وهم في خيم الشعر ثم ابتنوا به المنازل فدعاهم أبو عبيدة إلى الإسلام فأسلم بعضهم وأقام على النصرانية بنو سليم بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ، فحدثني بعض ولد يزيد بن حنين الطائي الأنطاكي عن أشياخهم أن جملة من أهل ذلك الحاضر أسلموا في خلافة أمير المؤمنين المهدي فكتب على أيديهم بالخضرة قنسرين. اه.
قال ابن الأثير : وسار خالد حتى نزل على قنسرين فتحصنوا منه ، فقال : لو كنتم في السحاب لحملنا الله إليكم أو لأنزلكم إلينا ، فنظروا في أمرهم ورأوا ما لقي أهل حمص فصالحوهم على صلح حمص فأبى خالد إلا على خراب المدينة فأخربها فعند ذلك دخل هرقل القسطنطينية ، وسببه أن خالدا وعياضا أدربا إلى هرقل من الشام وأدرب عمرو بن مالك من الكوفة فخرج من ناحية قرقيسيا وأدرب عبد الله بن المعنم من ناحية الموصل ، ثم رجعوا فعندها دخل هرقل القسطنطينية ، وكانت هذه أول مدربة في الإسلام سنة خمس عشرة وقيل ست عشرة ، فلما بلغ عمر صنيع خالد قال : أمر خالد نفسه يرحم الله أبا بكر هو كان أعلم بالرجال مني ، وقد كان عزله والمثنى بن حارثة وقال إني لم أعزلهما عن ريبة ولكن الناس عظموهما فخشيت أن يوكلوا إليهما ، فأما المثنى فإنه رجع عن رأيه فيه لما قام بعد أبي عبيدة ورجع خالد بعد قنسرين.. قال في زبدة الحلب : يعني أن خالدا كان أمير المسلمين من جهة أبي بكر رضياللهعنه على الشام فلما ولي عمر عزله وولى أبا عبيدة ثم ولاه عمر رضياللهعنه على قنسرين. ثم قال ابن الأثير : وأما هرقل فإنه خرج من الرها وكان أول من أنبح كلابها ونفر دجاجها من المسلمين زياد بن حنظلة وكان من الصحابة ، وسار هرقل فنزل بشمشاط ثم أدرب منها نحو القسطنطينية فلما أراد المسير منها علا على نشز ثم التفت إلى الشام فقال : السلام عليك يا سورية سلام لا اجتماع بعده ولا يعود إليك رومي أبدا إلا خائفا حتى يولد المولود المشؤوم ويا ليته لا يولد فما أحلى فعله وأمرّ فتنته ( في موضع آخر عاقبته ) على الروم ، ثم سار فدخل القسطنطينية (١) وأخذ أهل الحصون التي بين إسكندرية
__________________
(١) قال ابن العبري في تاريخه مختصر الدول في خلافة عمر : رحل هرقل من أنطاكية إلى القسطنطينية وهو يقول باليونانية ( سوزة سوريه ) وهي كلمة وداع لأرض الشام وبلادها. اه. وفي الهامش سوزة كلمة يونانية أي كوني بسلام.