وجود في الخارج أو لم يكن ، فمفاهيمها في حدّ ذاتها متعلّقات بغيرها ومتدلّيات بها ، قبال مفاهيم الأسماء التي هي مستقلاّت في أنفسها.
توضيح ذلك : إن كلّ مفهومٍ اسمي له سعة وإطلاق بالإضافة إلى الحصص التي تحته ، وسواء كان الإطلاق بالقياس إلى الخصوصيات المنوّعة أو المصنّفة أو المشخّصة ، أو بالقياس إلى حالات شخصٍ واحد ، ومن الضروري أن غرض المتكلّم كما يتعلّق بإفادة المفهوم على إطلاقه وسعته ، كذلك قد يتعلَّق بإفادة حصّةٍ خاصّةٍ منه ، كما في قولك : الصلاة في المسجد حكمها كذا. وحيث أنّ حصص المعنى الواحد فضلاً عن المعاني الكثيرة غير متناهية ، فلا بدّ للواضع الحكيم من وضع ما يوجب تخصّص المعنى وتقيّده ، وليس ذلك إلاّ الحروف والهيئات الدالّة على النسب الناقصة ، كهيئات المشتقات ، وهيئة الإضافة أو التوصيف ، فكلمة «في» في قولنا : الصلاة في المسجد ، لا تدل إلاّ على أنّ المراد من الصلاة ليس هي الطبيعة السارية إلى كلّ فردٍ ، بل خصوص حصّة منها ، سواء كانت تلك الحصّة موجودةً في الخارج أم معدومة ، ممكنة كانت أم ممتنعة ، ومن هنا يكون استعمال الحروف في الممكن والواجب والممتنع على نسقٍ واحدٍ وبلا عناية في شيء منها ، فنقول : ثبوت القيام لزيدٍ ممكن ، وثبوت العلم لله تعالى ضروري ، وثبوت الجهل له تعالى مستحيل. فكلمة «اللاّم» في جميع ذلك يوجب تخصّص مدلوله ، فيحكم عليه بالإمكان مرة ، وبالضرورة اخرى ، وبالاستحالة ثالثة.
فما يستعمل في الحرف ليس إلاّ تضييق المعنى الاسمي ، من دون لحاظ نسبة خارجية ، حتى في الموارد الممكنة ، فضلاً عما يستحيل فيه تحقّق