وفي كلمات القوم إشارة إلى هذا أيضاً ، وكلام المحقق الأصفهاني في مواضع عديدة من كتابه يثبت هذا الذي ذكرناه :
يقول في (نهاية الدراية) رادّاً على صاحب (الكفاية) : «المعنى الحرفي ـ كأنحاء النسب والروابط ـ لا يوجد في الخارج إلاّ على نحو واحدٍ ، وهو الوجود لا في نفسه ، ولا يعقل أنْ يوجد معنى النسبة في الخارج بوجودٍ نفسي ، فإن القابل لهذا النحو من الوجود ما كان له ماهيّة تامة ملحوظة في العقل ، كالجواهر والأعراض» (١).
فهذا الكلام صريح في أن النسبة موجودة بالوجود الرابط ، فلو كانت النسبة نفس الوجود الرابط ، فنفس الوجود غير قابل لأنْ يوجد ، فالمعنى الحرفي معنى قابل لأن يوجد لكنْ لا بالوجود النفسي ، والوجه في ذلك : إن ما يقبل الوجود النفسي هو ما يقبل الماهية التامة.
فهو رحمهالله ينفي الماهيّة التامّة ويثبت الماهيّة الناقصة ، والمراد من الماهيّة الناقصة هو الماهيّة
المتقوّمة بالطرفين.
ويقول : «والصحيح تنظيرهما بالوجود المحمولي والوجود الرابط».
فهو جعل المعنى الاسمي نظير الوجود المحمولي ، والمعنى الحرفي نظير الوجود الرابط ، فلو كان المعنى الحرفي نفس الوجود الرابط فما معنى تنظيره به.
ويقول : «مع أن من البديهي أن حقيقة النسبة لا توجد في الخارج إلاّ بتبع وجود المنتسبين من دون نفسيّة واستقلال أصلاً ، فهي متقوّمة في ذاتها بالمنتسبين لا في وجودها فقط».
__________________
(١) نهاية الدراية ١ / ٥١ ـ ٥٢ ط مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام.