فظهر أن المختار لدى الاستاذ دام بقاه هو التفصيل بين الحروف ، فلا هي إخطاريّة مطلقاً ، ولا هي إيجاديّة مطلقاً.
إلاّ أن الذي لا بدّ من التنبيه عليه والالتفات إليه هو : أنه هل يوجد في كلّ موردٍ يكون الحرف إخطاريّاً ولمعناه خارجيةً أمران ، أحدهما : العرض النسبي ، والآخر النسبة ، وكلّ منهما موجود في الخارج ، بأنْ يكون في «زيد في الدار» مثلاً ظرفيّة قائمة بالدار ومظروفيّة قائمة بزيد ، وإلى جنب ذلك توجد نسبة بين «الدار» و «زيد» هي مدلول «في»؟
قيل : نعم. وهو للمحقق الأصفهاني ونسبه إلى أهل التحقيق.
وقيل : الموجود في الخارج ليس إلاّ الظرفيّة والمظروفيّة ، وأمّا النسبة فهي من صنع الذهن ، وهذا هو المستفاد من كلمات صاحب (الكفاية).
وقيل : إن الموجود في الخارج هو النسبة فقط ، وهو المستفاد من كلمات الخواجة في تعريف الأين.
وتوضيح كلام المحقق الأصفهاني هو : أنه في الأعراض النسبيّة يوجد سنخان من المعنى ، أحدهما : الهيئة الحاصلة من كون الشيء في المكان ، في مقولة «الأين» ومن كونه في الزمان ، في مقولة «متى» وهكذا. والآخر : هو معنى الحرف الموجود بوجودٍ لا في نفسه ـ وقد ذهب هذا المحقق إلى أن للوجود درجات ، أقواها وجود الجوهر ، ثم وجود الأعراض غير النسبية مثل «الكيف» ثم وجود الأعراض النسبية مثل «الأين» و «متى» ثم وجود الإضافة ، وأضعف منها وجود النسبة ـ وبناءً على ما ذكره ، ففي مثل «زيد في الدار» يوجد :
الجوهر : زيد والدار. وأعراض غير نسبيّة قائمة بالدار وبزيد ، وعرضان