المعنى الحرفي وإن كان متقوّماً بالطرفين ، إلاّ أن هذا التقوّم خارج عن ذات المعنى ، وكذا الطرفان ، وإذا كان التقوّم والطرفان خارجةً عن ذات المعنى لم تبق خصوصيّة في المعنى ، بل إن تلك الوحدة السنخيّة الموجودة في جميع موارد استعمال الحرف هي الموضوع له ذلك الحرف ، فيكون عاماً لا خاصّاً.
والحاكم بما ذكرناه ـ من خروج التقيّد والطرفين عن ذات المعنى ، وإن كان التقوّم بهما ضروريّاً بحسب الوجود ، فيكون المعنى هو القدر المشترك والوحدة السنخيّة ـ هو الارتكاز ، إذ مفهوم «الظرفيّة» واحد في جميع موارد استعمال «في» وكذا غيره من الحروف ، وعليه ، فيكون الموضوع له عامّاً.
والمحقق العراقي القائل بأن المعنى الحرفي غير مستقل وجوداً ومفهوماً ، يرى أنّ الموضوع له عام.
وكذا المحقق الحائري ، فهو يقول بذلك مع قوله بآليّة المعنى الحرفي.
وهؤلاء الأعلام لم يمكنهم تصوّر أنّ معنى «في» ومدلولها في «زيد في الدار» يختلف عنه في «الكتاب في المدرسة» ، وعليه يكون الموضوع له تلك الجهة المشتركة والوحدة السنخيّة ، وهذا هو الحق ، ومن الواضح أن تلك الوحدة لا تحتاج إلى الطرفين ، وإنما المحتاج إليهما هو الحرف عند تفرّده.
وتلخص :
إن الحروف مداليلها هي النسب ، والواحد بالسنخ والقدر المشترك بينها هو الموضوع له ، فالوضع عام ، والموضوع له عام ، والمستعمل فيه عام.