ويتمّ البحث عن الحقيقة الشرعيّة بالكلام في جهات ، وقبل الدخول فيه نقول :
أوّلاً : إن موضوعات الأحكام الشرعية منها : موضوعات خارجيّة ، كالماء والخمر ، في «الماء طاهر» ، و «الخمر حرام» ، ونحو ذلك. ومنها : موضوعات اعتباريّة ، مثل الصّلح في : «الصلح جائز» ، والبيع في : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) ، وهكذا. ومنها : ما عبَّر عنه الشهيد الأوّل ـ رضوان الله عليه ـ بالماهيّات المخترعة ، كالصّلاة والحج والصّوم والاعتكاف ، وأمثال ذلك.
ثانياً : المقصود في البحث هو التحقيق عن أنّه هل للشارع وضعٌ واختراع في التّسمية أو لا ، سواء كانت المعاني مخترعة منه أو غير مخترعة ، فلا يختصّ البحث بالماهيّات المخترعة ، وإن كانت هي مورد البحث وعنوانه عندهم.
وثالثاً : لا إشكال في جريان البحث في ألفاظ العبادات ، إنما الكلام في جريانه في ألفاظ المعاملات مع كون الأدلّة الشرعية فيها إمضاءً لما هو في بناء العقلاء ، وأنها ليست تأسيسيّةً ، إلاّ أنه لمّا كان الشارع قد اعتبر في المعاملات خصوصيّاتٍ زائدةً على ما هو المعتبر عند العقلاء ، وأنّ هذه المعاني مع تلك الخصوصيّات قد انسبقت إلى الأذهان في بعض الأزمنة ، فلا مانع من وقوع البحث حولها من حيث أنّ ألفاظ المعاملات موضوعة لمعانيها بدون الخصوصيّات أو معها.
فالتحقيق جريان البحث في ألفاظ المعاملات أيضاً.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٧٥.