عن غيره من العلوم بما شاء من التمييز ، بالموضوع أو المحمول أو الغرض ، كأن يقول له في مقام تعريف علم النحو : إن موضوعه الكلمة والكلام ، أو يقول : غايته حفظ اللسان عن الخطأ من المقال ، أو يقول : محموله الإعراب والبناء.
وأمّا المقام الثاني : فلأن المؤلّف والمدوّن للعلم يختلف تمييزه له عن غيره باختلاف الدواعي.
فتارة : يكون هناك غرض خارجي يترتب على العلم والمعرفة بتلك المسائل التي دوّنها ، فلا بدَّ من البحث عن كلّ مسألةٍ اشتملت على ذلك الغرض ، كما أن التمييز حينئذٍ لا بدّ وأن يكون بالغرض ، وليس له التمييز بالموضوعات ، إذ لا عبرة ـ في الغرض ـ بوحدة الموضوع وتعدّده ، على أنه يقتضي أن يكون كلّ باب بل كلّ مسألة علماً على حدة ، كما ذكر صاحب (الكفاية).
وأخرى : يكون الداعي إلى التدوين نفس العلم والمعرفة ، دون أنْ يكون هناك غرض خارجي يدعوه إلى تدوين المسائل. وهذا يكون على نحوين ، فتارةً هناك موضوع يريد أن يبحث عن أحواله ، كما في علم الطب ، فلا بدّ من التمييز بالموضوع ، واخرى هناك محمول يريد أن يبحث عمّا يعرض عليه ذلك المحمول ، كالحركة والسكون ، فلا بدّ من التمييز بالمحمول فقط (١).
وحاصله : الموافقة مع صاحب (الكفاية) في خصوص ما إذا كان الغرض من التدوين هو غرض خاص ، كالصحّة والمرض في علم الطب ،
__________________
(١) تعليقة أجود التقريرات ١ / ١١ مؤسّسة صاحب العصر عليهالسلام ، مصابيح الاصول ١٩ ـ ٢٠.