الدين شرّع الصلاة حفظاً لها من الاندراس وليتوجّه الناس إليه بها.
ثم إن النسبة بين الأذكار الموجودة في الصّلاة وبين التوجّه ليس النسبة بين المسبب والسبب ، لأن السبب والمسبب موجودان بوجودين لا بوجودٍ واحدٍ ، والحال أن الموجود خارجاً هو الذكر ولا وجود هناك للتوجّه ، فنسبة التوجّه إلى الذكر نسبة الأمر الانتزاعي إلى منشأ الانتزاع ، لا نسبة السبب إلى المسبب.
وتلخّص : إنه يمكن تصوير الجامع على الوضع للأعم ، بأنه هو التوجّه والتخشّع والخضوع ، بالتقريب المذكور.
الإشكال عليه
ثم أورد عليه شيخنا ثبوتاً وإثباتاً :
أمّا ثبوتاً ، فلأن التوجّه إذا كان منتزعاً من هذه الأقوال والأفعال المتباينة ومتّحداً معها وجوداً ، استحال أنْ يكون واحداً. هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ «التوجّه» يصدق مع الأجزاء القليلة ، وهو مع الركوع غيره مع السجود والقيام والقراءة وهكذا ... وبمجرّد تحقّق الأقل يصدق الصّلاة ، فيكون الزائد عليه خارجاً عن حقيقة الموضوع له المسمى.
وقد كان هذا الإشكال وارداً على جميع التصويرات التي اعتبرت الوجود التشكيكي للجامع ، كما تقدّم.
وأمّا إثباتاً : فلأن الصّلاة ـ بحسب النصوص وارتكاز المتشرعة ـ هي نفس الأقوال والأفعال لا العنوان المنتزع منها كالتوجّه. بل في خبرٍ صحيحٍ سئل الإمام عليهالسلام عن الفرض في الصّلاة فقال : «الوقت والطهور والقبلة