والتحيّر الحاصل للمكلَّف من احتمال الحكم ، فمسائل الاصول كلّها تنتهي إلى غاية واحدة ، وهي ارتفاع التردّد الحاصل من احتمال الحكم الشرعي ، سواء كانت نتيجتها الاستنباط أو لم تكن كذلك. وبذلك يرتفع المحذور المذكور.
ثم أوضح شمول هذا التعريف لجميع المسائل الاصوليّة ، من الاصول والأمارات وغيرها.
ثم قال : «نعم يبقى هاهنا سؤال وهو : لم عدل صاحب (الكفاية) إلى هذا التعريف المفصل وذكر كلا القيدين ، مع أن نظره لو كان إلى هذه الجهة المذكورة لكان يكفي في تعريف علم الاصول أن يقول : هو القواعد التي يرتفع بها التحيّر الحاصل للمكلّف من احتمال الحكم الشرعي ، إلاّ أن الأمر في ذلك سهل ، فإنّه لا يعدو كونه إشكالاً لفظيّاً. ولعلّ نظره قدسسره إلى الإشارة إلى قصور تعريف المشهور وأنه يحتاج إلى إضافة قيد ، لا إلى بطلانه ، كما قد يشعر به تبديله وتغييره» (١).
لكن لا يخفى أنّ لفظيّة هذا الإشكال إنّما هي على فرض تماميّة إرجاع تعريفه إلى ما ذكره وأتعب نفسه الشريفة ، وهذا أوّل الكلام.
وأمّا تعريفه دام ظلّه ، فإنّما أفاد دخول الاصول الجارية في الشبهات الموضوعيّة ، لكونها رافعة للتحيّر والتردّد في مقام العمل. وأمّا الأمارات فهي جارية ومتّبعة سواء قلنا بالمنجزيّة والمعذريّة ، أو جعل الحكم المماثل ، أو الطريقيّة ، بلا أيّ تردّد وتحيّر في مقام العمل ، فتأمّل. هذا أوّلاً. وثانياً : إنه يستلزم خروج عدّةٍ من المسائل عن علم الاصول ، كما سيجيء الاعتراف منه والالتزام بذلك.
__________________
(١) منتقى الاصول ١ / ٢٧ ـ ٢٩.