أمّا ما يجري في الشبهات الموضوعيّة ، وينتج حكماً جزئيّاً [مثل الاستصحاب الجاري في كريّة هذا الماء ، من الاصول العملية ، ومثل قاعدة الفراغ من القواعد الفقهيّة ، الجارية في هذه الصلاة مثلاً] فهو خارج عن المسائل الاصوليّة ، لأنّ كلّ أحدٍ يمكنه تطبيق القاعدة أو الأصل على المورد المشكوك فيه ، واستنتاج الحكم الشرعي المتعلّق به ، من غير فرقٍ بين الفقيه والعامي ... فهذا القسم من القواعد والأصول خارج.
وأمّا ما يجري في الشبهات الحكمية ، فالأصل العملي الجاري في الحكم الأصولي لا ريب في اصوليّته ، كاستصحاب حجيّة العام بعد التخصيص ، أو استصحاب عدم تحقّق المعارِض للرواية ، فهذا القسم من الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة خارج عن البحث.
إنّما الكلام في الاصول العمليّة والقواعد الفقهيّة التي يتشاركان في التطبيق على الموارد واستخراج الأحكام الكليّة الفرعيّة منها ، فما الفارق بينهما؟ وكيف تخرج الثانية عن المسائل الاصوليّة؟
ولك أنْ تقول : إن تعريف علم الفقه ـ وهو : العلم بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة ـ كما ينطبق على القواعد الفقهية فتكون من مسائله ، كذلك ينطبق على الاصول العملية الجارية في الشبهات الحكميّة ، إذ الحكم بنجاسة الماء المتغيّر بالنجاسة الزائل تغيّره ، حكم شرعي فرعي ، أنتجه الاستصحاب المستفاد عن دليلٍ تفصيلي ، وهو صحيحة زرارة مثلاً ، الدالّ على بقاء الحكم السابق في الماء المذكور ، وعلى الجملة : فكما أن قاعدة ما لا يضمن حكم فرعي ، كذلك الحكم ببقاء نجاسة الماء ، وكما أنها مستنبطة من الدليل التفصيلي وهو الإجماع ، كذلك الحكم المذكور مستنبط من الدليل