إفهام الغير ، تكلَّم بلفظ كذا ، فإذا التفت المخاطب بهذا الالتزام ينتقل إلى ذلك المعنى عند استماع ذلك اللّفظ منه ، فالعلاقة بين اللّفظ والمعنى تكون نتيجة لذلك الالتزام ، وليكن منك على ذكر ...
الدالّ على التعهّد تارةً يكون تصريح الواضع ، واخرى : كثرة الاستعمال ، ولا مشاحة في تسمية الأول وضعاً تعيينيّاً والثاني تعينيّاً» (١).
وقد استدلّ لهذا القول ـ الذي اختاره جمع من المحققين ، كالنهاوندي والخوئي ـ بوجوه هي :
أوّلاً : مساعدة الوجدان.
وثانياً : إن الوضع مساوق للجعل لغةً ، ومن هذا الباب وضع القانون مثلاً.
وثالثاً : إن الغرض من الوضع هو قصد التفهيم ، وهو ـ أي هذا القصد ـ من اللّوازم الذاتيّة للالتزام ، وهذا الارتباط بين الغرض وعمل الإنسان ـ أعني قصده ـ يوجب القول بكون الوضع عبارة عن الالتزام.
هذا ، ولا يخفى أنّ الوضع بناءً على هذا أمر تكويني ، لأنّ الالتزام من أفعال النفس وله واقعيّة ، فليس الوضع من الامور الاعتبارية.
وأيضاً : فإنّ هذا المبنى إنما يتمشّى على القول بأنّ كلّ مستعملٍ واضع ، لأنّ المستعمل كلّما قصد تفهيم معنىً أبرزه باللّفظ الموضوع له ، فلا محالة لا يتعلّق الالتزام من الإنسان إلاّ بما يكون تحت اختياره ، ويستحيل تعلّق الالتزام بفعل الغير ، بأنْ يلتزم الواضع مثلاً أنَّ كلّ من أراد الجسم البارد السيّال فهو يبرز قصده ومراده بلفظ الماء.
__________________
(١) درر الاصول ١ / ٣٥ ط جامعة المدرّسين.