فقال المحقق العراقي بأن المفاهيم العامة على قسمين ، أحدهما : المفاهيم العامّة التي ليس لها قابليّة الحكاية عن المصاديق ، مثل «الإنسان» ، فإنه إنما يحكي عن ذات الإنسان وهو الحيوان الناطق ، ولا يحكي عن زيد وعمرو ... والقسم الآخر : المفاهيم العامة المنتزعة من نفس الخصوصيّات ، فهذا القسم يكون وجهاً لها ، مثل : مفهوم مصداق الإنسان ، وفرد الإنسان ، وشخص الإنسان. فداعي هذا القسم من المفاهيم من حيث انتزاعه عن الفرديّة هو الحكاية عن الفرد ، وحينئذٍ أمكن الوضع العام والموضوع له الخاص.
وأشكل عليه شيخنا بأن «مصداق الإنسان» إن كان عين مفهوم «زيد» و «عمرو» و «بكر» فلا يصحّ صدقه عليه ، كما لا يصحّ صدق مفهوم «زيد» على «عمر» وإنْ كان غيره فكيف يحكي مفهوم عن مفهوم؟ ومفهوم «مصداق الإنسان» إنما يحكي عن «زيد» من حيث أنه مصداق الإنسان ، ولا يحكي عنه من حيث أنه زيد ، وكلّ جامع فإنه يحكي عن الأفراد من حيث انطباقه عليها ولا يحكي عنها من جهة كونها أفراداً.
وذكر المحقق الشيخ علي القوچاني ، وتبعه المحقق المشكيني في (حاشية الكفاية) ما حاصله :
إنه إنْ اريد وضع اللّفظ بواسطة العام على الأفراد بما لها من الخصوصيات ، فهذا غير ممكن ، لكون مفهوم العام مبايناً لمفهوم الخصوصية ، ولا يكون المباين وجهاً لمباينه ، ولكن الموضوع له هو مفاهيم الجزئيات بلحاظ وجوداتها ، فالمفهوم الخاص هو الموضوع له بلحاظ وجوده لا بلحاظ مفهومه ، وحينئذٍ ، فلمّا كان الكلّي متّحداً وجوداً مع الفرد صار