بين قولنا : كلّ مسكر حرام ، وقولنا : الخمر حرام لإسكاره ، فوزان القضيّة الاولى وزان العام والموضوع له العام ، لأنه يلحظ العام المسكر ويجعل الحرمة لهذا العام ، أما في القضيّة الثانية فالموضوع الملحوظ هو إسكار الخمر ، لكنْ لا يضع الحكم للإسكار المختص بالخمر ، بل إنّه يرى بإسكار الخمر عموم الإسكار ويضع الحكم لهذا العام.
وأشكل عليه شيخنا الاستاذ :
بأن الخاص والعام متقابلان متعاندان ، وكاشفيّة المعاند والمباين لمباينه محال.
وأمّا ما ذكره من المثال ، فجوابه ـ كما ذكر صاحب (الكفاية) ـ أنه لو كان الملحوظ في : «الخمر حرام لإسكاره» هو إسكار الخمر فقط ، فإن الحكم لن يتجاوز هذا الموضوع ، أي الخمر المسكر ، وإنْ اريد مِن «الخمر حرام لإسكاره» أن يكون إسكار الخمر وجهاً للإسكار ، فهذا غير معقول ، لأن إسكار الخمر لا يصير مرآة للإسكار ، كما أن إنسانية زيد لا تصير مرآة للإنسان. وإنْ أريد أنّا نلحظ إسكار الخمر ومن لحاظه ننتقل إلى طبيعة الإسكار ونجعل الحكم لهذه الطبيعة ، أو نضع اللّفظ للطبيعة التي انتقلنا إليها بسبب هذه الخصوصيّة ، فهذا ليس من قبيل الوضع الخاص والموضوع له العام ، بل هو من قبيل الوضع العام والموضوع له العام.
إذن ، الخصُوصيّة ـ سواء في الأحكام أو الأوضاع ـ لا تصير مرآةً وحاكيةً عن العام.
غاية ما هناك : إن الخصوصيّة تصير وسيلةً للانتقال ، ومنشأ للّحاظ ، فيكون العموم في الوضع والموضوع له كليهما ، بأن يُلحظ الفرد وتُلحظ بذلك