هارون الغساني ، وعبد الرّحمن بن الحسين بن الحسن ، قالا : أنا علي بن يعقوب بن إبراهيم ، أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن عائذ قال : قال الوليد : ونا صدقة بن خالد ، نا زيد بن واقد ، عن بسر (١) بن عبيد الله قال : حدّثني رجل من أهل دمشق قال :
أتيت أبا ذرّ وهو في جبل الخمر (٢) لأسأله ، فرأيته وهو مكبّ على نويرة هو وامرأته يعالجها في يوم رشاش (٣) ، وقد سالت دموعه على لحيته ، فلما غشيته ثارت امرأته فدخلت خباءها وأرخت عليها سترها ، فقلت : يا أبا ذر ، لو أنك اشتريت خادما يكف المئونة عنك وعن أهلك ، فقالت امرأته : قد والله قلت له. فقال أبو ذرّ : اللهم غفرا ، أنا أبو ذر وهذا عيشي ، فإن تصبري فأنا من قد عرفت ، وإلّا فتحت كنف الله ، فقلت : يا أبا ذرّ أنا رجل ليس لي فضل وإنّما هو عطائي منه (٤) فضل يدرك عطائي الآخر ، وقد بقي منه شيء ، أفتتخوف عليّ إن أدركني أجلي وعندي منه شيء؟ فقال : والذي نفسي بيده ، لو أدركك أجلك وعندك منه فضل خربصيصة (٥) لكويت (٦) به. قلت : يا أبا ذر ، أنت في أربعمائة دينار فأين يذهب عطاؤك ، قال : ترى هذه القرية ، فإن لي فيها ثلاثين فرسا أحمل على خمسة عشر في كل عام ـ أو قال : غزوة ـ فإذا رجعت ، أعقبتها بالأخرى ، ثم نظرت إلى ما يصلحها من أعلافها وأجلّتها ، وأجرائها ، وكلما نفق منها فرس أبدلت مكانه فرسا ، ثم نظرت إلى قوتي ، وقوت أهلي فحبسته وتصدّقت بالفضل.
٩٠٧٧ ـ رجلان من أهل دمشق كانا في زمان أبي الدرداء
لهما ذكر.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وغيره ، قالوا : أنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد ابن أبي نصر ، أنا إسحاق بن إبراهيم الأذرعي (٧) ، أنا محمّد بن جعفر بن سفيان الرافقي (٨) ، نا
__________________
(١) راجع الحاشية السابقة.
(٢) جبل الخمر : يراد به جبل بيت المقدس ، سمي بذلك لكثرة كرومه (معجم البلدان ٢ / ١٠٢).
(٣) الرشاش : المطر القليل.
(٤) بالأصل : فيه.
(٥) الخربصيصة : الهنة التي تتراءى في الرمل لها بصيص كأنها عين الجرادة.
(٦) بالأصل : «للوثب» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٧) هو إسحاق بن إبراهيم بن هاشم أبو يعقوب الأذرعي ، ترجمته في سير أعلام النبلاء (١٢ / ١٢٢ ت ٣١١٨) ط دار الفكر.
(٨) إعجامها مضطرب بالأصل ، وفي تهذيب الكمال : الرقي ، راجع ترجمة موسى بن مروان البغدادي التمار في تهذيب الكمال ١٨ / ٥٠٧.