الرهبة فقد أمنا جورك ، ولكنا وفد الشكر ، قال : فسرّي عن عمر وقال : يا فتى ، أرى لك عقلا ، فعظني ، قال : إنّ قوما اغتروا (١) بالله فيك فأثنوا عليك بما ليس فيك ، فلا يغرّنّك اغترارهم بالله فيك مع ما (٢) تعرفه من نفسك ، قال : فبكى عمر حتى سقط.
أخبرنا أبو علي أحمد بن سعد بن علي العجلي الهمداني المعروف ببديع الزمان ببغداد ، أنا أحمد بن عبد الرّحمن الأصبهاني ، أنا محمّد بن إبراهيم الجرجاني.
ح وأخبرنا أبو محمّد بن أحمد بن عبد الله البغدادي بدمشق ، نا الحافظ أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمّد الأصبهاني ، لفظا بأصبهان ، نا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني إملاء بأصبهان.
نا أبو علي الحسين بن علي ، نا محمّد بن زكريا ، ثنا ابن عائشة ، حدّثني أبي ، عن عمي قال :
قدم وفد العراق على عمر بن عبد العزيز وفيهم غلام ، فجعل الغلام يتكلّم ، وقال أبو محمّد فجعل الغلام يتحوّس (٣) الكلام ، فقال عمر : كبّروا ، كبّروا ، قدموا مشايخكم ، فقال الغلام : يا أمير المؤمنين إنه ليس بالكبر ولا بالصغر ولو كان كذلك لولي هذا الأمر من هو أسن منك ، قال : فتكلّم عافاك الله ، قال : يا أمير المؤمنين إنا ما أتيناك لرغبة ولا لرهبة ، قال : فما أنتم؟ قال : نحن وفد الشكر ، أتيناك شوقا إليك وشكرا لله إذ ...... (٤) علينا ، قال : عظني أيها الرجل ، قال : يا أمير المؤمنين إنّ من الناس ناسا غرّهم الأمل ، وأفسدهم ثناء الناس عليهم ، فلا يغرّنّك من اغتر بالله فيك فمدحك بما علم الله خلافه ، وما قال رجل في رجل شيئا إذا رضي إلّا وهو يقول فيه على حسب ذلك إذا سخط ، قال : فتهلل وجه عمر ثم قال :
تعلم فليس المرء يولد عالما |
|
وليس أخو علم كمن هو جاهل |
وإن كبير القوم لا علم عنده |
|
صغيرا إذا التفت عليه المحافل |
٩١٨٧ ـ رجل من الأنصار
وفد على سليمان ، وكان أول من بايع لعمر بن عبد العزيز.
__________________
(١) بالأصل : «اعتزوا» والمثبت عن المختصر.
(٢) بالأصل : «معما».
(٣) التحوس : التشجّع في الكلام كما في تاج العروس حوس : طبعة دار الفكر.
(٤) غير واضحة بالأصل ، ورسمها فيه : برتل.