أن رجلا طال مقامه بباب معاوية ، ثم أذن له ، فقال : يا أمير المؤمنين انقطعت إليك بالأمل ، واحتملت جفوتك بالصبر ، وليس لمقرب أن يأمن وليس لمباعد أن يأنس (١) ، وكلّ صائر إلى حظه من رزق الله ، فقال معاوية : هذا كلام له ما بعده ، فأمر بعهده له إلى فلسطين فقال الرجل :
دخلت على معاوية بن حرب |
|
وكنت وقد يئست من الدخول |
وما أدركت ما أمّلت (٢) حتى |
|
حللت محلة الرجل الذليل |
وأغضيت العيون على قذاها |
|
ولم أنظر إلى قال وقيل |
٩١١٤ ـ رجل من كلب
دخل على معاوية.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد ، أنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله ، أنا أحمد بن أبي طالب علي بن محمّد ، حدّثني أبي ، حدّثني أبو عمرو محمّد بن مروان بن عمر ، حدّثني يوسف بن موسى المرورّوذي ، نا عبد الله بن خبيق ، حدّثني محمّد بن أحمد القرشي قال :
دخل رجل من كلب على معاوية فقال : يا أمير المؤمنين إن لي في بيت مال المسلمين حقا ولي رحم ، فقال : أما ما ذكرت فيما لك في بيت مال المسلمين فقد صرفناه (٣) ، وأما رحمك فما هي؟ قال : إنّ أم إلياس بن مضر كانت امرأة من كلب ، قال : فقال معاوية : وأبيك (٤) ، لقد منت برحم بعيدة ، وعنده ابن عباس ، فقال : لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله ليعذب على قطيعة الرحم التي تلقاك إلى ثلاثين أبا» قال : فقال له : الله عليك ، لقد سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : سل حاجتك. قال : مائة ألف أشتري بها دارا. قال : هي لك ، قال : مائة ألف أقضي بها تجارا. قال : هي لك ، قال : مائة ألف أشتري بها عقارا ، قال : هي لك ، قال ابن الأعرابي : يا أبه ، أبرمت أمير المؤمنين. قال : فنتف رأسه بيده ثم قال : اسكت ، إنما أمير المؤمنين كما قال خال بني جبار :
__________________
(١) كذا بالأصل ، ولعل الصواب : ييأس.
(٢) بالأصل : «أحب» والمثبت لتقويم الوزن عن المختصر.
(٣) كذا ، وفي المختصر : عرفناه.
(٤) بدون إعجام بالأصل واللفظة غير واضحة ، والمثبت عن مختصر ابن منظور.