قريش الحكيمي ، نا أبو العيناء (١) ، نا الأصمعي ، حدّثني إبراهيم بن الحسن بن سهل ، عن أبيه :
أن أبا جعفر المنصور وجه إلى شيخ من أهل الشام وكان بطانة هشام فساءله عن تدبر هشام في بعض حروبه للخوارج ، فوصف له الشيخ ما دبر ، فقال : فعل رحمهالله كذا ، وصنع رحمهالله كذا ، قال له المنصور : قم ، عليك لعنة الله ، تطأ بساطي وتترحم على عدوي؟ فقال الرجل وهو مولى : إنّ نعمة عدوك لقلادة في عنقي لا ينزعها إلّا غاسلي. فقال له المنصور : ارجع يا شيخ ، فرجع فقال : أشهد أنك نهيض حرّ ، وغراس شريف ، عد إلى حديثك. فعاد الشيخ في حديثه حتى إذا فرغ دعا له بمال فأخذه ، فقال : والله يا أمير المؤمنين ما بي حاجة إليه ، ولقد مات من كنت في ذكره آنفا ، فما أحوجني إلى وقوف على باب أحد بعده ، ولو لا جلالة أمير المؤمنين وإيثار طاعته ما لبست لأحد بعده ثوبا ، فقال له المنصور : مت إذا شئت ، لله أنت ، فلو لم يكن لقومك غيرك كنت قد أبقيت لهم مجدا مخلدا ، وذكرا باقيا.
وبلغني عن أبي جعفر أحمد بن يوسف بن إبراهيم الكاتب ، قال : حدّثني أحمد بن أبي يعقوب ، حدّثني أبي أبو يعقوب ، عن جدي واضح مولى المنصور قال :
كنت بين يدي المنصور وقد أحضر رجلا كان من رجال هشام بن عبد الملك وهو يسائله عن سيرة هشام لأنها كانت تعجب المنصور ، فكان الرجل يترحم على هشام عند كل جاز من ذكره فاحفظ ذلك جماعتنا فقال له : ارجع كم تترحم على عدو أمير المؤمنين ، فقال الرجل للربيع : مجلس أمير المؤمنين ـ أيّده الله ـ أحقّ المجالس بشكر المحسن ومجازاة المجمل ، ولهشام في عنقي قلادة لا ينزعها إلّا غاسلي. فقال له المنصور : وما هذه القلادة؟ قال : قدّمني في حياته وأغناني عن غيره بعد وفاته ، فقال له المنصور : أحسنت بارك الله عليك وبحسن المكافأة تستحق الصنائع ، وتزكو العوارف ، ثم أدخله في خاصّته.
٩٢٠٨ ـ رجل كان في صحابة هشام
روى عنه الزهري.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي الحسن العلوي ، أنبأ رشأ المقرئ ، أنا أبو محمّد المصري ،
__________________
(١) غير واضحة بالأصل ، وهو أبو العيناء محمد بن القاسم بن خلاد راجع ترجمة عبد الملك بن قريب الأصمعي في تهذيب الكمال ١٢ / ٨٠.