فأتاها ، فقالت : لا أستطيع فردّه إليها ، فقال : عزمت عليك ، فجاءت تمشي ومعها جواري يسترنها ، حتى صعدت على السرير معه ، فطرب للجواري (١) فكلّمها معاوية ساعة ثم قال : عزمت عليك إلّا نزلت فمشيت ، ورمى عنها ثيابها ، وبقيت في درع رقيق من قزّ يستبين منه جميع جسدها. فمشت ، فقال : اقبلي ثم قال : أدبري ، فأدبرت والشيخ ينظر ، ثم أقبلت ، فإذا هي ببريق عين الشيخ من تحت السرير ، فصاحت ، وقالت : افتضحت ، وقعدت وتقنعت بيديها فقام معاوية إليها فقال : ما لك ويحك ، قالت : رجل تحت السرير ، فأدخل معاوية يده فأخذ برأسه فإذا شعيرات ، فجعل لا يقدر على أن يقبض على شعره ، فلمّا علم أنه شيخ كبير تركه ، ولبست ابنة قرظة ثيابها وانطلقت إلى بيتها ، وخرج الشيخ إلى معاوية فقال : يا أمير المؤمنين لينفعني عندك الصدق ، قال : هيه ، فقصّ عليه القصة ، فقال : لا بأس عليك ، وجعل معاوية يضحك وجعل يسائله ، فإذا أعرابي منكر لا يسأله عن شيء إلّا أخبره ، فلما أصبح دعا معاوية خصيا له فقال : خذ بيد هذا الشيخ فأدخله على ابنة قرظة فقل لها : إن هذا الشيخ الذي تخلّاك البارحة وللخلوة نحلة ، فأعطيه نحلته. فأدخله الخصي عليها ، فأخبرها بما قال معاوية ، فصاحت بالخادم ، فخرج ، وحبست الأعرابي وقالت : ويحك ما قصتك؟ فقصّ عليها القصة ، فأعطته وأوقرت راحلته ثيابا وغير ذلك ، وقالت له : إذا خرجت من عندي فلا تقيمن في هذه البلاد ، فإن رآك أحد بها نكّلت بك ، وخافت أن يقيم ، فكلما ذكره معاوية دعاه ، وذكر له ما كان ، ثم قالت لغلام لها : انطلق فاحمله على الراحلة ، وما معه ، ثم انخس به حتى تخرجه من هذه الأرض ، فانطلق الأعرابي ، وقد أصاب حاجته.
٩٠٩٩ ـ مولى لشقيق أو ابن شقيق
من أهل البصرة ، قدم على معاوية ، له ذكر.
أخبرنا أبو سهل بن سعدويه ، أنا أبو الفضل الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله ، نا محمّد ابن هارون ، نا محمّد بن بشار ، نا عبد الوهاب ، نا أيوب ، عن محمّد قال :
كان الذي بين شقيق بن عبد الله وبين عبد الله بن شقيق حسّ (٢) ، فأخذ له زياد ساجا (٣) بثلاثين ألف درهم فبعث شقيق غلاما له إلى معاوية وقال : إن أتيتني منه بكتاب فأنت حرّ ،
__________________
(١) تقرأ بالأصل : «ينظرون الجواري» والمثبت عن مختصر ابن منظور.
(٢) حسّ أي شرّ.
(٣) بالأصل : ساج ، خطأ.