ومن كان يطيف به فتفرقوا في طلبه حتى ظفروا به ، وهو يقود راحلته خارجا من باب من أبواب دمشق ، متوجها إلى أهله ، فقال له الخادم : ارجع إلى أمير المؤمنين فقد طلبك ، فقال : لا حاجة لي في الرجوع إليه ، وقد أمرت البواب أن يدفع إليك الدنانير ، فقال له الخصي : لا بدّ لك من الرجوع إليه ، فردّه على كره منه حتى إذا أدخله إلى سليمان قال له سليمان : ألم أخبر أنك جعلت لهذا مائتي دينار على أن يدخلك إليّ ، فقال الرجل : قد كان ذلك ، أصلح الله أمير المؤمنين ، قال سليمان : أفلم أرك حين ملأت عيني منك؟ قال : بلى ، قال : فما أخرجك؟ والله إن لك لخيرا قال : أجل ، خير ضخم العنق. إنّ فلانا ظلمني في أرض لي بالحجاز ، فاستعديت عليه الوالي علينا وعلى ناحيتنا ، فمال (١) له عليّ فلم أرض بذلك ، واستعديت عليه الوالي الأكبر ، فمال (٢) له عليّ فلم يرض بذلك وقلت : لا أقصّر حتى أنتهي إلى أمير المؤمنين ، فلما قدمت إلى دمشق لم أر بها أحدا يفزع إليه إلّا وجدته معه عليّ ، فجعلت لخادمك هذا الذي جعلت له على أن يوصلني إليك ، فلمّا أوصلني رأيتك تخطر بإصبعك إلى السماء تطلب من الله حاجتك ، وتضرع إليه فعقلت بفعلك موضع حاجتي ، وعلمت أنّي قد أخطأت في طلبها ، ولم آتها من الموضع الذي ينبغي ، فرجعت أطلبها من الموضع الذي تطلب أنت حاجتك ، فبكى سليمان ، ثم قال : إنّ الذي طلبت إليه حاجتك قد قضاها ، وأرسل سليمان إلى الأموي في أمره ، وأمره بردّ ما يدّعي عليه. فكتب الأموي له بكلّ ما أحبّ ، وأعطاه أيضا ما يصلح به صنعته (٣) وذلك بعد ما وصله سليمان وكساه ، وحمّله ، وأمر له بفرائض.
٩١٦٢ ـ رجل طلبه سليمان بن عبد الملك فهرب منه
أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد القاضي ، أنا محمّد بن أحمد بن عمر بن الحسن ، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، نا سليمان بن أحمد ، نا يحيى بن محمّد الحنائي ، نا المعلى ابن حوي بن محمّد بن مهاجر البصري ، نا أبو عبيد الله بن .... (٤) الرقاشي :
أن سليمان بن عبد الملك أخاف رجلا فطلبه ليقتله ، فهرب الرجل من عنده ، فجعلت
__________________
(١) بالأصل : فطلع ، والمثب عن المختصر.
(٢) بالأصل : فضلع.
(٣) كذا بالأصل ، وفي المختصر : «ضيعته» وهو أشبه.
(٤) رسمها بالأصل : «ال؟؟؟ وم».